للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم أبصارهم.


= يعلمها الله في عمران أرضه. قال تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً): أي يشرع إليهم شوقا وودادا. وَاقْتَدِ رعاك الله بسيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام دعا ربه وسأل منه الولد فأجابه جل جلاله، ووهب له سؤله حين ما وقع اليأس منه ليكون من أجل النعم وأجلاها. ولما تفضل سبحانه بالولد توسل إبراهيم بالتوفيق له ولذريته: (الحمد لله الذى وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربى لسميع الدعاء. رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين يوم يقوم الحساب). ٤٢ من سورة إبراهيم. إن شاهدنا (ليقيموا الصلاة) (رب اجعلنى مقيم الصلاة) فهذا أسمى رجاء واقرب إجابة في طلب زيادة الرزق وكثرة النعم، ووفرة الخيرات. قال تعالى (لئن شكرتم لأزيدنكم) وقد ترى الصحابة لفرط مطاوعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة إيمانهم بربهم بحيث لا ينفك فعلهم عن أمره يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتى يوم لا بيع فيه ولا خلال) ٣٢ من سورة إبراهيم. (لعبادى) خصهم بالإضافة إليه ليدل علىمكانتهم العالية، وطهارة نفوسهم، وسموا آدابهم، وصلاح حالهم.
قال البيضاوى: تنويهاً لشرفهم، وتنبيها على أنهم المقيمون لحقوق العبودية، ومفعول قل محذوف يدل عليه جوابه: أي قل لعبادى الذين آمنوا أقيموا الصلاة وأنفقوا. أهـ.
عبادى. ياأخى: خادم الأمير وخادم الكبير يحترم ويجل ويهاب، ويرعى جانبه، فما بالك بعبد الخالق وعبد الجبار المنسوب إليه ملك الملوك. إنه فوق كل شئ أود أن تحافظ على الصلاة وتؤديها كما أمر الله عسى أن تدخل برحمته في عباده الصالحين، وقلب نظرك في العالم وتفكر في خلق من تعبد رجاء أن يخشع قلبك لله ولذكر الله، وهل الأمير أو المدير إلا إنسان مثلك يأكل ويشرب ولا يدفع عن نفسه ضراً ولا نفعا، ومع ذلك ترى خادمه مكرما، وتابعه محترما، وهذا قل من كثر إكرام الله وغيض من فيض نعم الله للمحسنين. ومن الإحسان أداء الصلاة، والمحافظة عليها. قال تعالى: (وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحتمنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ٥٧ ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ٥٨ من سورة يوسف.
استوزر الملك يوسف، فأقام العدل واجتهد في تكثير الزراعات، وضبط الغلات حتى دخلت السنون المجدبة وعم القحط مصر والشام ونواحيهما، وتوجه إليه الناس، فباعها أولا بالدراهم والدنانير حتى لم يبق معهم شئ منها، ثم بالحلى والجواهر، ثم بالدواب، ثم بالضياع والعقار، ثم برقابهم حتى استرقهم جميعاً، ثم عرض الأمر على الملك، فقال: الرأى رأيك، فاعتقهم ورد عليهم أموالهم، وكان قد أصاب كنعان ما أصاب سائر البلاد، فأرسل يعقوب بنيه غير بنيامين إليه للميرة: أخذ القوت أهـ بيضاوى.
إن رحمة الله تنال في الدنيا بالراحة والسعة والصحة، وهناءة الضمير، والعيش الرغد والوظيفة السامية ونجابة الأولاد والبركة فيهم، وهذا من التقوى، ودعامتها الصلاة، ياأخى والله تعالى يوفى أجور الصالحين عاجلا وآجلا. إن شاهدنا عز يوسف بعد آلامه وسلطانه بعد أسره. لماذا؟ لأنه أتقى الله وكان من عباد الله فاحتاج إليه إخوته واعترفوا بذنبهم، وفيه يقول الله تعالى: (ولما بلغ أشده آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزى المحسنين) ٢٣ من سورة يوسف: أي وصل منتهى اشتداد جسمه وقوته سن ٣٠ - ٤٠، وقيل: سن الشباب ومبدؤه بلوغ الحلم، أعطاه الله حكمة، وهو العلم المؤيد بالعمل، أو حكماً بين الناس، وعلما يعنى تأويل الأحاديث جزاء على إحسانه في عمله، وإتقانه في عنفوان أمره. وهذا حق، والله جدير بذلك. فأسرع ياأخى أن تكون من الذين يعينهم بقوله: (لعبادى) وإنى أتحفك بقطعة أدب للإمام على كرم الله وجهه المتوفى سنة ٤٠ هجرية يبين لك شيئاً من أثر قدرة الخالق المعبود بحق. =

<<  <  ج: ص:  >  >>