للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتى على حصنٍ حصينٍ (١) فأحرز (٢) نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله. قال النبى صلى الله عليه وسلم: وأنا امركم بخمس: الله أمرنى بهن: السمع (٣)، والطاعة (٤)،

والجهاد (٥)، والهجرة (٦)، والجماعة (٧)،

فإنه من فارق الجماعة قيد (٨) شبرٍ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يُراجع (٩)،


(١) مكان مكين يقى شر العدو، ويمنع هجماته.
(٢) توقى، من أحرزت المتاع جعلته في الحرز. والحرز: الموضع الحصين، يقال (حرز حريز) واحترز وتحرز، وأحرزه: ضمه، ومنه أحرز قصب السبق.
(٣) أن تسمع كلام ولى الأمر من ملك وأمير، ومدير ومأمور، وأب وكل من له الولاية عليك، وأمره نافذ أن تصغى إلى قوله وتتفهمه.
(٤) تعمل بارشاداته، وتتبع أوامره، وتمشى على ضوء منهجه ليطمئن قلبك، ويستريح ضميرك، ويصفو عيشك .. أما المخالفة: فويل، والمضادة، والهجر والمعاكسة: فشر، وفى قوله صلى الله عليه وسلم: (اسمعوا وأطيعوا) قال الشيخ الحفنى في تعليقاته على الجامع الصغير: (طيب الله ثراه) إنما قدم أسمعوا مع أن أطيعوا يغنى عنه: إشارة إلى أن الإمام إذا أمرهم بأمر وجب عليهم الاصغاء ليفهموه ويتمثلوه إن كان مندوبا أو فرض كفاية، أو ترك مكروه فيصير ذلك فرض عين، فلو أمر طائفة بأن يقدموا بالتجارة مثلا، ولم ينتقلوا إلى غيرها صار ذلك فرض عين عليهم بعد أن كان فرض كفاية. أما لو أمر بحرام حرم إطاعته، أو بمكروه كرهت إطاعته أهـ.
قال العلقمى. قال القاضى عياض وغيره: أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأوجبوا تحريمها في المعصية لقول الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) قال العلماء: المراد بأولى الأمر من أوجب الله طاعته من الولاة والأمراء، هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم أهـ من الجامع الصغير ص ٢٠٢ - ١.
(٥) الغزو في سبيل نصر دين الله تعالى، ومحاربة النفس في شهواتها عسى أن تتحلى بالمكارم وتعمل بالأوامر.
(٦) الانتقال من مكة إلى المدينة، وهذا سر من أسرار الله لإذاعة دينه، وتعميم الإسلام، ونصر المسلمين وفي النهاية: (جهد) فيه (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية) الجهاد: محاربة الكفار وهو المبالغة واستفراغ مافى الوسع والطاقة من قول أو فعل، يقال جهد الرجل في الشئ: أي جد فيه وبالغ، وجاهد في الحرب مجاهدة وجهاداً، والمراد بالنية إخلاص العمل لله تعالى: أي إنه لم يبق بعد فتح مكة هجرة لأنها قد صارت دار إسلام، وإنما هوالإخلاص في الجهاد وقتال الكفار أهـ ص ٩٠.
(٧) ملازمة رأى الجمهور، والتمشى مع روح اتحاد المسلمين ولم شعثهم، وجمع كلمتهم في البر والاتفاق على عمل صالح، وعدم بث الشقاق والاختلاف وعدم التنابذ والتراشق، والدعوة إلى الائتلاف، وصفاء النية والوداد والمحبة والشورى قال الله تعالى:
أ - (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا).
ب - (وتعاونوا على البر والتقوى).
(٨) بكسر القاف. أي قدر، وكذا قادر رمح، وبفتح القاف واحد القيود.
(٩) إلا أن يتوب إلى الله جل وعلا ويرجع نادما متبعاً سنن الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>