للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوءُ (١) لك بنعمتك علىَّ، وأبوءُ بذنبى (٢)

فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (٣) من قالها (٤) موقناً بها (٥) حين يمسى، فمات من ليلته دخل الجنة (٦)، ومن قالها موقناً بها حتى يصبح فمات من يومه دخل الجنة. رواه البخاري والنسائي والترمذي. وعنده: لا يقولها أحدٌ حين يمسى فيأتى عليه قدرٌ قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة، ولا يقولها حين يصبح فيأتى عليه قدرٌ قبل أن يسمى إلا وجبت له الجنة، وليس لشدادٍ في البخاري غير هذا الحديث، ورواه أبو داود، وابن حبان والحاكم من حديث بريدة رضي الله عنه.

(أبوء): بباء موحدة مضمومة، وهمزة بعد الواو ممدواً معناه: أقرّ وأعترف.

٥ - وروى عن حذيفة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منَّا (٧) من حلف بالأمانة، وليس منا من خان أمرأً مسلماً في أهله وخادمه ومن قال حين يمسى، وحين يصبح: اللهم إنى اشهدك بأنك أنت الله الذى لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمد عبدك ورسولك، أبوء بنعمتك (٨) علىَّ وأبوء بذنبى فاغفر لى إنه لا يغفر الذنوب غيرك، فإن قالها من يومه ذلك حين يصبح


(١) أعترف أنك أنت المنعم المتفضل على، أياديك جمة، وإحسانك يترى، لا أحصى ثناء عليك.
(٢) أعترف أو أرجع بذنبى فلا أستطيع صرفه عنى ..
(٣) قال في شرح المشكاة: اعترف أولا بأنه أنعم عليه ولم يقيده ليشمل كل الإنعام، ثم اعترف بالتقصير، وأنه لم يقم بأداء شكرها، وعده ذنباً مبالغة في التقصير وهضم النفس أهـ، قال في الفتح: ويحتمل أن يكون قوله (أبوء لك بذنبى) اعترافا بوقوع الذنب مطلقا ليصح الاستغفار منه، لا أنه عد ما قصر فيه من أداء شكر النعم ذنباً.
(٤) أتى بهذه الصيغة.
(٥) مخلصا من قلبه مصدقا بثوابها من الله عز وجل.
(٦) على ملتنا السمحاء، وعلى ديننا القويم.
(٧) قال الشرقاوى: أي مع الداخلين لها ابتداء من غير دخول نار لأن الغالب أن المؤمن بحقيقتها الموقن بمضمونها لا يعصى الله متعمداً عصيانه، أو أن لله تعالى يعفو عنه ببركة هذا الاستغفار أهـ. قال الشرقاوى: ويحتمل أن يكون هذا فيمن قالها ومات قبل أن يفعل ما يغفر له به ذنوبه، قال بعضهم: ولا يكون هذا سيد الاستغفار إلا إذا جمع شروط الاستغفار، وهى صحة النية والتوجه والأدب. وقد جمع هذا الحديث من بديع المعانى وحسن الألفاظ ما يحق له أن يسمى سيد الاستغفار؛ ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية والعبودية، والاعتراف بأنه الخالق، والإقرار بالعهد الذى أخذه عليه، والرجاء بما وعد به، والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه، وإضافة النعماء إلى موجدها، وإضافة الذنب إلى نفسه، ورغبته في المغفرة، واعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا هو، وفي كل ذلك الإشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة، وأن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا بمعونة الله تعالى أهـ.
(٨) كذا ن ع ص ٢١٠٣، وفى ن ط: أبوء لك.

<<  <  ج: ص:  >  >>