للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزمت كلُّ حلقةٍ مكانها فهو يوسِّعها فلا تتَّسع. رواه البخاري ومسلم.

(الجنة) بضم الجيم: ما أجنّ وستره، والمراد به هنا: الدرع، ومعنى الحديث أن المنفق كلما أنفق طالت عليه، وسبغت حتى تستر بنان رجليه ويديه، والبخيل كلما أراد أن ينفق لزمت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع، شبه صلى الله عليه وسلم تعالى ورزقه بالجنة، وفي رواية: بالجبة، فالمنفق كلما أنفق اتسعت عليه النعم وسبغت، ووفرت حتى تستره سترا كاملا شاملا. والبخيل: كلما أراد أن ينفق منعه الشح، والحرص، وخوف النقص فهو بمنعه يطلب أن يزيد ما عنده، وأن تتسع عليه النعم فلا تتسع ولا تستر منه ما يروم ستره، والله سبحانه أعلم.

٦ - وعنْ قيس بن سلعٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه أنَّ إخوته شكوهُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنَّه يبذِّر (١) ماله، وينبسط (٢) فيه. قُلْتُ: يا رسول الله آخذ نصيبي من التَّمرة فأنفقه في سبيل الله، وعلى من صحبني، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: أنْفِقْ يُنْفقِ الله عليك، ثلاث مرَّاتٍ، فلما كان بعد ذلك خرجت في سبيل الله، ومعي راحلة، وأنا أكثر أهل بيتي اليوم وأيسره (٣). رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرد به سعيد بن زياد أبو عاصم.

٧ - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأخلاء ثلاثة. فأمَّا خليل فيقول: أنا معك حتى تأتي قبرك، وأما خليل فيقول: لك ما أعطيت وما أمسكت فليس لك فذلك مالك، وأما خليل فيقول: أنا معك حيث دخلت، وحيث خرجتَ، فذلك عمله، فيقول: والله لقد كنْتَ من أهونِ الثلاثة عليَّ. رواه الحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، ولا علة له.

٨ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُكم مال وارثهِ أحبُّ إليه من ماله. قالوا يا رسول الله: ما منَّا أحد إلا ماله أحبُّ


(١) يسرف فيه.
(٢) ينفق بسعة.
(٣) إنفاقه جلب له الرزق: الرغد، والمال الوفير.

<<  <  ج: ص:  >  >>