للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء فنعتبك (١)؟ قال: لا، ولنعْمَ حليلةُ (٢) المرء المسلم أنت، ولكن اجتمع عندي مال، ولا أدري كيف (٣) أصنعن به. قالت: وما يغمُّك (٤)

منه، ادْعُ قومك فاقسمهُ بينهمْ، فقال يا غلام: عليَّ بقومي (٥)، فسألتُ الخازن كمْ قسم؟ قال: أربعمائة ألفٍ.

رواه الطبراني بإسناد حسن.

١٥ - وروى عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نشر (٦) الله عبدين منْ عبادهِ أكثر لهما من المال والولد، فقال لأحدهما: أيْ فلان ابن فلان؟ قال: لبَّيك (٧) ربِّ وسعديكَ. قال: ألم أكثر لك من المال والولد؟ قال: بلى (٨) أي ربِّ. قال: وكيف صنعت فيما آتيتك؟ قال: تركته لولدي مخافة العيلةِ. قال: أما إنَّك لو تعلم العلم لضحكت قليلاً، ولبكيت كثيرا، أما إنَّ الذي تخوَّفت عليهم قد أنزلت بهمْ، ويقول للآخر: أي فلان ابن فلانٍ، فيقول: لبَّيك أي ربِّ وسعديك؟ قال له: ألم أكثر لك من المال والولد؟ قال: بلى. أي ربِّ قال: فكيف صنعت فيما آتيتك؟ فقال: أنفقتُ في طاعتك، ووثقتُ لولدي من بعدي بحسن طولك (٩)

قال: أما إنَّك لو تعْلم العِلْمَ لضحكت كثيراً، ولبكيت قليلاً، أما


(١) فتقدم لك العتبي، ونزيل ما علق بك من جهتنا.
(٢) زوجة، ونعم: كلمة مدح وثناء.
(٣) لا أعلم على أي حال أوزعه خشية سؤال الله عنه يوم القيامة.
(٤) أي شيء جلب لك الغم والهم من وجوده.
سيدنا طلحة بن عبيد الله يخاف من وجود مائة، ففرقه على أقاربه لله رجاء ثواب الله ليقابل ربه فقيراً، فيخف سؤاله، وينعم باله، ويهنأ عيشه، ويدوم صفاؤه (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه).
(٥) ائت بأقاربي وأهلي.
(٦) هكذا ط وع ص ٣١٣، وفي ن د: يسر بمعنى أنشرهما الله: أي أحياهما، ويقال: نشر الميت: أي عاش بعد الموت، ومعنى يسر: أي أغناها.
(٧) إجابة بعد إجابة.
(٨) حرف جواب لإثبات النفي: أي أغنيتنا على أي حال أنفقت.
(٩) فضلك ونعمك، وعلمت أنك الرزاق المعطي، فاعتمدت عليك سبحانك وأطعتك، واتقيت الله فيه هذا درس لأولئك الذين تكالبوا على الدنيا، وطمعوا في تراثها، وجشعوا فيها.
الأول: رجل أعطاه الله المال، ورزقه البنين، فازداد جشعاً في جمع المال، وحرم الفقراءأ وبخل وشح في حقوق الله، فأخطأ طريق الهدى، فمات وترك لأولاده الحسرة والندامة إذ نزع الله البركة من ماله ففنى، وافتقر أولاده.
الثاني: خاف مقام ربه، وأطاع الله في أوامره، واجتناب مناهيه، وزكى وتصدق. وأقام مشروعات الخير أو ساهم فيها، وترك لأولاده تقوى الله، فبارك الله في ماله فنما، ورزقهم الله لسعادة، والرزق الكثير والعيش الرغد، وذلك مصداق قوله تعالى: =

<<  <  ج: ص:  >  >>