للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجٍ عميق يرجون رحمتي ولمْ يروا عذابي فلمْ يرَ يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة. رواه أبو يعلي والبزار، وابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه واللفظ له. والبيهقي ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم عرفة، فإنَّ الله تبارك وتعالى يباهي بهم الملائكة فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كلِّ فجِّ عميقٍ، أشهدكم أنِّي قد غفرت لهم، فتقول الملائكة: إنَّ فيهم فلاناً مرهَّقاً وفلاناً. قال: يقول الله عزَّ وجلَّ: قد عفرْتَ لهمْ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منْ يومٍ أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة، ولفظ ابن خزيمة نحوه لم يختلفا إلا في حرف، أو حرفين.

(المرهَّق): هو الذي يغشى المحارم، ويرتكب المفاسد.

(قوله ضاحين): هو بالضاد المعجمة، والحاء المهملة. أي بارزين للشمس غير مستترين منهام، يقال: لكل من برز للشمس من غير شيء يظله ويكنّه: إنه لضاحٍ.

٢ - وعن طلحة بن عبيد الله بن كريز رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مارؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزلُّ الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا مأ رأى (١) يوم بدرٍ، فإنَّه رأى جبرائيل عليه السلام يزع (٢) الملائكة. رواه مالك والبيهقي من طريقة وغيرها، وهو مرسل.

(أدحر) بالدال والحاء المهملتين بعدهما راء: أي أبعد وأذلّ.

٣ - وعنْ عبادة بن الصَّامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم عرفة: أيها الناس إنَّ الله عزَّ وجلَّ تطوَّل عليكم في هذا اليوم، فغفر لكمْ إلا التَّبعات (٣) فيما بينكم، ووهب مسيئكمْ لمحسنكمْ، وأعطي لمحسنكمْ ما سألَ


(١) كذا د وع، وفي ن ط: رؤى.
(٢) في هامش النسخة العماري يزع: أي يدفع، وهي هنا بمعنى يصفهم ويرتبهم، ويدفع بعضهم بعضاً أن يتقدم على بعض. أهـ ص ٣٩٦.
(٣) ما يتبع المال من نوائب الحقوق، وهو من تبعت الرجل، بحقي، والتبيع: الذي يتبعك بحق يطالبك به، والمعنى أن الله تعالى يغفر الذنوب كلها رلا حقوق الآدميين المتعلقة بالذمة المطالب بها حقا، وهناك يخسا إبليس ويتحسر، ويزداد غيظاً من هذا الغفران الجم، والخير الأعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>