للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم على قبر حمزة بن عبد المطلب فجعلوا يجرُّون النَّمرة على وجههِ فتنكشف قدماه ويجرُّونها على قدميهِ فينكشف وجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها على وجههِ، واجعلوا على قدميه من هذا الشَّجرِ. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه، فإذا أصحابه يبكون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه يأتي على الناس زمان يخرجون إلى الأرياف فيصبون منها مطعماً (١) وملبساً ومركباً، أوْ قال: مراكب فيكتبون إلى أهليهمْ: هلمَّ إلينا، فإنَّكم بأرض حجازٍ جدوبة، والمدينة خيرٌ لهمْ لوْ كانوا يعلمون. رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.

(النمرة) بفتح النون، وكسر الميم: وهي بردة من صوف تلبسها الأعراب

٧ - وعنْ عمر رضي الله عنه قال: غلا السَّعرُ بالمدينة فاشتدَّ الجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصبروا وأبشروا، فإنَّي قد باركت على صاعكمْ ومدِّكمْ، وكُلوا ولا تتفرَّقوا، فإنَّ طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الخمسة والسِّتَّة، وإن البركة في الجماعة، فمنْ صبر على لأوائها وشدَّتها كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة، ومنْ خرج عنْها رغبةً عمَّا (٢) فيها أبدل الله به منْ هو خير منها فيها، ومنْ أرادها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء رواه البزار بإسناد جيِّد.


(١) منها مطعما. كذا د وع ص ٤١١، وفي ن ط: فيها مطعماً. تنبأ صلى الله عليه وسلم بالانتشار الإسلام، واتساع بلاده، وزيادة أرزاق أهله. فيحثون أهليهم على الهجرة من المدينة إلى حيث النعيم المقيم والخيرات الجمة، والنعم العديدة. صلى الله عليك يا رسول الله. نعم إن الإقامة بالمدينة خير. فيها أنوارك المشرقة والإيمان بالله ورسوله المتدفق، والطاعة التامة لله ورسوله، والنفس المطمئنة الراغبة عن الدنيا المائلة إلى تشييد الصالحات، المكثرة من ذكر الله تعالى واستغفاره، والصلاة على حبيبه صلى الله عليه وسلم الدائبة في التحلي بالمكارم المجتهدة في التكميل والتجميل، والتحصيل المتشرفة بزيارة قبرك الشريف. المصلية في روضة من رياض الجنة كما أخبرت يا رسول الله. هذا إلى بعدهما من الشيطان وغوايته. قال تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) ٢٤ من سورة هود (وأختبوا) أي أطمأنوا إليه وخشعوا له، من الخبت وهو الأرض المطمئنة (خالدون) دائمون. أهـ. بيضاوي.
ولا تجد أدعى إلى غرس الإيمان، والباعث على زيادة الطاعات مكانا غير المدينة المنورة المباركة.
(٢) كرها عما فيها وزهدا فيها، وانتظار مكان أحسن منها. ساق الله إلى المدينة من هو أحسن من الراحل وأفضل وأخيرا منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>