للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحبُّنا ونُحبهُ، فإذا جئتموه فكلوا من شجرهِ (١) ولوْ منْ عاضهِ. رواه الطبراني في الأوسط من رواية كثير بن زيد.

٣٢ - ورواه ابن ماجة من رواية محمد بن اسحق عن عبد الله بن مكنف عن أنس، وهذا إسناد واهٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ جبل (٢)

أحدٍ يُحبنا ونحبُّه، وهو على ترعةٍ من ترع الجنَّة، وعير على ترْعةِ من ترعِ النَّار.

(قال المملي) رضي الله عنه: وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ما طريقٍ وعن جماعة من الصحابة أنه قال لأحدٍ: هذا جبلٌ يُحبنا ونحبُّه. والزيادة على هذا عند الطبراني غريبة جدا.

(العضاه) تقدم (والترعة) بضم التاء المثناة فوق، وسكون الراء بعدها عين مهملة مفتوحة: هي الروضة، والباب أيضا، وهو المراد في هذا الحديث. فقد جاء مفسرا في حديث أبي عنبس ابن جبر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأحدٍ:


(١) أي خذوا من أشجاره بركة عسى الله أن يشملكم برضاه، ويرحمكم تفضلا جزاء، تبرككم به. فلا مانع من التبرك بالصالحين، واقتفاء آثارهم ومصاحبتهم، وأخذ شيء منهم تبركا ومحبة لله المعطي، وقد صح عن الترمذي رحمه الله تعالى: تسليم الجبل والشجر عليه صلى الله عليه وسلم. لا شك أن كل شيء خلقه الله يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشرح صدره لذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل مشاهدة محياه، ورؤية طلعته البهية، والمسلمون الآن مقصرون في واجب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعرفوا عظيم مقداره، وأرجوا أن نوفق للعمل بشريعته، والإكثار من الصلاة عليه عسى أن نبلغ بمحبته الدرجات العالية إن شاء الله تعالى.
(٢) الجبل الذي بالمدينة، وفي النهاية (إذا أراد الله بعد شر أمسك عليه بذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة كأنه عير). بالعير: الحمار الوحشي، وقيل أراد الجبل الذي بالمدينة اسمه عير، شبه عظم ذنوبه به. أهـ.
فأنت ترى أمكنة مباركة يتيمن بها، وأمكنة قذرة خبيثة يتباعد عنها. وفي الحديث (حرم ما بين عير إلى ثور) أي جبلين بالمدينة، وقيل ثور بمكة، وفي النهاية، وقيل بمكة جبل يقال له عبر أيضاً.
ولقد صدقت أن فيه أمكنة طاهرة صالحة للتبرك بها، وأنها لا تضر ولا تنفع. بل تكسبني مهابة في الله، وإجلالا في الله ومحبة في الله. لأنها شرفت بأقدام الأنبياء والمرسلين، والأولياء المتقين مشوا فيها وساروا فيها وجلسوا فيها، وحاربوا فيها، وعبدوا الله فيها. ودفنوا فيها مثل جبل أحد. كما أن فيه أمكنة فيها الشر، ومنبع الضير، ومعين الضرر، والبعد عنها غنيمة، وهجرها نجاح مثل عير والجحفة وأمثالهما، وأعتقد أن أرضاً ضمت: جدث ولي صالح وعابد متق لمباركة لأن الله تعالى كما وعد بإكرام عباده المتقين يكرم من التجأ إليه زائرا قبره متبعاً سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور، وأعتقد أن أضرحة الصالحين والمساجد التي يذكر فيها اسم الله يبقى أثرها في الجنة (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) فعليك أخي بزيارة الصالحين والجلوس في مجلس العلم لتربح.

<<  <  ج: ص:  >  >>