للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة (١) ليس لها ريح، وطعمها مرٌّ.

وفي روايةٍ: مثل الفاجر، بدل المنافق. رواه البخاري ومسلم، والنسائي وابن ماجه.

٨ - وعنْ أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجَّة ريحها طيِّب، وطعمها طيِّب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التَّمرة لا ريح لها، وطعمها طيِّب، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الرَّيحانة ريحها طيِّب، وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مرٌّ، ولا ريح لها، ومثل الجليس الصَّالح كمثل صاحب المسك (٢) إنْ لمْ يصبك منه شيءٌ أصابك من ريحهِ (٣)، ومثل الجليس السُّود (٤) كمثل صاحب الكبير (٥) إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانهِ. رواه أبو داود.

٩ - وعنْ عائشة رضي الله عنها قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع السَّفرة (٦) الكرام البررة، والذي يقرأ ويتتعتع فيه، وهو عليه شاقٌ له أجرانِ.


(١) نبت مر، وكتب النووي في شرح مسلم: فيه فضيلة حافظ القرآن، واستجاب ضرب الأمثال لإيضاح المقاصد ص ٨٤ جـ ٦.
فيا قارئ القرآن اتق الله واعمل صالحاً، واجلس في أماكن نظيفة، واقرأ لمن يستمع، واتبع أوامر الله، واجتنب مناهبه، وحذار أن تكون آلة إذاعة لا يعي ما يقول.
(٢) بائع العطر.
(٣) شذاه.
(٤) الفاسق الظالم.
(٥) المبنى من الطين، وقيل الزق الذي تنفخ به النار: والمبنى الكور، ومنه الحديث (المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها) أهـ نهاية.
وفيه الحث على اختيار الأصحاب، ونبذ مودة الأشرار. إن هذا حق مشاهد بمرورك على الحد نرى دخانه قاتما فتتضايق، وإذا مررت على بائع العطر تشم رائحة جميلة وهكذا الصحبة:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
(٦) قال النووي: السفرة جمع سافر ككاتب وكتبة، والسافر: الرسوم، والسفرة: الرسل، لأنه يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل السفرة: الكتبة والبررة المطيعون، ومن البر وهو الطاعة، والماهر: الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة بجودة حفظه وإتقانه. قال القاضي: يحتمل أن يكون معنى كونه من الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى. قال ويحتمل أنه يراد أنه عامل بعملهم، وسالك مسلكهم، وأما الذي يتتعتع فيه فهو الذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه فله أجران: أجر بالقراءة، وأجر بتعتعته في تلاوته ومشقته. قال القاضي وغيره من العلماء: وليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجرا لأنه مع السفرة، وله أجور كثيرة ولم يذكر هذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله وحفظه وإتقانه، وكثرة تلاوته، =

<<  <  ج: ص:  >  >>