للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ، قال: يا نبيّ الله! بل يسبقني إلى الجنة فيفتحها لي لهو أحبّ إليّ، قال: فَذَلِكَ لَكَ".

وروى البيهقي بإسناده في مناقب الشافعي (١) رحمهما الله؛ أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله مات له ابن فجَزعَ عليه عبد الرحمن جزعًا شديدًا، فبعثَ إليه الشافعي رحمه الله: يا أخي عزِّ نفسك بما تَعَزَّى به غيرُك، واستقبحْ من فعلك ما تستقبحُه من فعل غيرك. واعلم أن أمضَّ المصائب فقدُ سرورٍ وحرمانُ أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتِساب وزر؟ فتناول حظَّكَ يا أخي إذا قرب منك قبل أن تطلبَه وقد نأى عنك، ألهمك اللَّهُ عند المصائب صبرًا، وأحرزَ لنا ولك بالصبر أجرًا، وكتب إليه:

إنّي مُعَزِّيكَ لا أني على ثِقَةٍ ... مِنَ الخُلُودِ وَلَكِنْ سُنَّةُ الدّينِ

فَمَا المُعَزَّى بِباقٍ بَعْدَ مَيِّتِهِ ... وَلا المُعَزِّي وَلَوْ عاشا إلى حِينِ

وكتبَ رجلٌ إلى بعض إخوانه يعزُّيه بابنه: أما بعد، فإنَّ الولدَ على والده ما عاش حُزْنٌ وفتنة، فإذا قدّمه فصلاة ورحمة، فلا تجزعْ على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيّع ما عوّضك الله عزّوجلّ من صلاته ورحمته.

وقال موسى بن المهدي لإِبراهيم بن سالم وعزَّاه بابنه: أسَرَّك وهو بليّة وفتنة، وأحزنَك وهو صلوات ورحمة؟!

وعزَّى رجلٌ فقال: عليك بتقوى الله والصبر، فبه يأخذ المحتسب، وإليه (٢) يرجع الجازع. وعزّى رجل رجلًا فقال: إن من كان


(١) مناقب الشافعي؛ للبيهقي ص ٢/ ٩٠ـ٩١
(٢) "وإليه": أي إلى الصبر يرجع الجازعُ لطول المدّة وهو الشدّة، فيسلو كما تسلو البهائم ويذهب سروره، وينعدم على تلك المصيبة لجزعه أجوره

<<  <   >  >>