للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال بعض السلف: إذا احتُضرِ المؤمن يقال للملك: شُمَّ رأسه، قال: أجد في رأسه القرآن، فيقاله: ثم قلبه، فيقول: أجد في قلبه الصيام، فيقال: شم قدميه، فيقول: أجد في قدميه القيام، فيقال: حفظ نفسه حفظه الله -عز وجل-.

وكذلك القرآن إنما يشفع لمن منعه من النوم بالليل، من قرأ القرآن وقام به فقد قام بحقه فيشفع له، أما من كان معه القرآن فنام عنه بالليل ولم يعمل به بالنهار، فإنه ينتصب القرآن خصما له يطالبه بحقوقه التي ضيعها" اهـ.

وقد "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة" (١).

قال ابن رجب: "دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعَرْضِ القرآن على من هو أحفظ له، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.

وفي الحديث أن المدارسة بين جبريل عليه السلام وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت ليلًا، فيدل ذلك على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن ليلًا، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل ويجتمع فيه الهم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل: ٦] " اهـ.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ بمائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة" (٢)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلِّه، فيلبس تاج


(١) متفق عليه، البخاري (٦)، ومسلم (٢٣٠٨).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٠٣)، وصححه الألباني (٦٤٤) في "الصحيحة".

<<  <   >  >>