للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذلك رمضان واحدٌ والشهور أَحَدَ عَشَر، وفي أعمالنا خلل وأي خلل، ويرجو العبد أن يتلافي في شهر رمضان ما فرَّط فيه في سائر الشهور.

كان ليعقوب أحد عشر ولدًا ذكورًا بين يديه حاضرين، ينظر إليهم ويراهم ويطلع على أحوالهم وما يبدو من فِعالهم، ولم يرتد بصره بشيء من ثيابهم، وارتد بقميص يوسف بصيرًا، وصار بصره منيرًا، فكذلك المذنب، إذا ثم روائح رمضان، وجلس فيه مع المُذَكِّرين وقُرَّاء القرآن، وصحبهم بشرط الإِسلام والإيمان، وترك الغِيبة والبهتان؛ يصير إن شاء الله مغفورًا له بعد ما كان عاصيًا، وقريبًا بعد ما كان قاصيًا، ينظر بقلبه بعد العمى، ويسعد بقربه بعد الشقا، ويقابل بالرحمة بعد السخط.

فاللهَ اللهَ؛ اغتنموا هذه الفضيلة، في هذه الأيام القليلة، تعقبكم النعمة الجزيلة، والدرجة الجليلة، والراحة الطويلة.

والحالة الرضية، والجنة السرية، والعيشة الرضية، لا تُنال إلا بالوقار لهذا الشهر، ومن لا يُوقِّره كان مصيره إلى النار.

من رُحِمَ في رمضان فهو المرحوم، ومن حرم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود لمعاده فهو ملوم ..

فإلى متى أنت في ثياب البَطَر، أما تعلم مصيرَ الصُّوَر؟، أما ينفعك ما ترى من العبر؟، أَصُمَّ السمعُ أم غَشِيَ البصر؟، تالله إنك لعلى خطر .. آن الرحيل ودنا السفر، وعند الممات يأتيك الخبر .. كلما خرجت من ذنوبٍ دخلت في أُخَر؟!، يا قليل الصفا إلى كم هذا الكدر؟!، أنت في رمضان كما كنت في صفر؟! .. إذا خسرت في هذا الشهر فمتى تربح؟!، وإذا لم تسافر فيه نحو الفوائد فمتى تبرح؟! ..

يا من إذا تاب نقض، يا من إذا عاهد غدر، يا من إذا قال كذب، كم سترناك على معصية، كم غطيناك على مخزية!!

<<  <   >  >>