للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعاصي فحسب -وإن كانت هي الأُوْلى والأَوْلى؛ ولكننا بحاجةٍ إلى توباتٍ أُخَر .. بعد التوبة من الكبائر الظاهرة والباطنة، والتوبة من المعاصي الملازمة والعارضة .. بحاجة إلى التوبة من أشياء أخر منها:

أولًا: التوبة من تضييع الأوقات:

(١) الليل:

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (١٠) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١٠ - ١١]، وقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: ١٧ - ١٨]، وحين وصف عباد الرحمن قال عنهم سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: ٦٤]، فهذه وظيفة الليل في الإِسلام، السكون والراحة والخلوة مع الله والتعبد، هذا هو ليل المسلمين، ولكن مع شديد الأسف! انظر إلى ليل المسلمين هذه الأيام: يا حسرةً على العباد!!

تحول ليل المسلمين إلى لشعب ولهو ومعاص وغفلة، وحول بعضهم ليله نهارًا، ونهاره ليلًا، وضاع الليل .. ضمن الأوقات الضائعة .. ضاع الليل بساعاته الغالية وأوقاته النفيسة، ضاع الليل بفرصه الذهبية وفتوحاته الربانية .. ضاع الليل وهم يقولون: شهر رمضان شهر السهر!! .. هذه فرصتك .. فتقرب إلى الله تعالى وتب من تضييع ليلك في المعاصي واللَّهو، وأثبت صدق توبتك هذه بقيامك بين يديه تناجيه وتستجديه أن يغفر لك، فرصة لا تضيعها.

(٢) بالشرود الذهني في الفراغ:

أخي في الله، هل تمر بك أوقات تجلس صامتًا لا تفعل شيئًا، فقط تجلس شاخصًا ببصرك إلى الفراغ وتفكر في لا شيء، هذا هو التجسيد الحقيقي للغفلة .. غفلة مطبقة على القلب .. على العقل .. غفلة مستحكمة، وكلما

<<  <   >  >>