للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البرحاء (١) عند الوحي، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان (٢) من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فلما سرى (٣) عن رسول الله وهو يضحك، فكان أول كملة تكلم بها أن قال: (أبشري يا عائشة، أما الله فقد برأك) فقالت لي أمي: قومي إليه، فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله هو الذي برأني. قالت: فأنزل الله ﷿ ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم﴾ عشر آيات فأنزل الله ﷿ هؤلاء الآيات ببراءتي، قالت: فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره: والله لا أنفق عليه شيئًا أبدًا بعد الذي قال لعائشة، فأنزل الله ﷿ ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى﴾ … إلى قوله ﴿أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ ".

قال حبان بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله.

"فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال لا أنزعها منهُ إبدًا.

قالت عائشة: وكان رسول الله سأل زينب بنت جحش زوج النبي عن أمري (ما علمت؟ وما رأيت؟) فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري، (٤) والله ما علمت إلا خيرًا.

قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني (٥) من أزواج رسول الله فعصمها الله بالورع. وطفقت أختها حمنة بنت جحش تحارب لها، فهلكت فيمن هلك، قال الزهريّ: فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط" (٦). وهذا اللفظ لمسلم.


(١) البرحاء: شدة الكرب من ثقل الوحي.
(٢) الجمان: هو اللؤلؤ الصغار.
(٣) سرى: انكشف عنه ما يجده من الهم والقتل.
(٤) أحمي سمعي وبصري: أي أمنعهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه، ومن العذاب لو كذبت عليهما.
(٥) تساميني: تعاليني وتفاخرني تطاولني عنده .
(٦) أخرجه البخاري في المغازي باب حديث الإفك رقم: ٤١٤١، مسلم في صحيحه كتاب التوبة باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف رقم: ٢٧٧٠، الترمذي في التفسير باب ومن سورة النور حديث رقم: ٣١٨٠، وأبو يعلى في منده: ٤٣٩٧، ٤٩٢٧، أحمد في المسند: ٦/ ٥٩، وانظر الفتح الرباني: ٢١/ ٧٣ - ٧٥ وعبد الرزاق في المصنف: ٥/ ٤١٠ - ٤١٩.

<<  <   >  >>