للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأدركت وتردت، فقربتها إلى رسول الله ﷺ وأصحابه فوضع النبي ﷺ أصبعه فيها فقال: (بسم الله، اللهم بارك فيها، اللهم بارك فيها اطعموا) فأكلوا منه حتى صدروا, ولم يأكلوا إلا ثلثها وبقى ثلثاها، فسرح أولئك العشرة الذين كانوا معه أن اذهبوا، وسرحوا إلينا نغديكم، فذهبوا وجاء أولئك العشرة مكانه، فأكلوا منها حتى شبعوا، ثم قام ودعا لربة البيت وسمَّت عليها وعلى أهلها، ثم مشوا إلى الخندق فقالوا: اذهبوا بنا إلى سلمان، وإذا صخرة بين يديه قد ضعف عنها، فقال النبي لأصحابه: (دعونى فأكون أول من ضربها فقال: بسم الله) فضربها فوقعت فلقة ثلثها فقال: (الله أكبر قصور الروم ورب الكعبة)، ثم ضرب أخرى فوقعت فلقة فقال: (الله أكبر قصور فارس ورب الكعبة)، فقال عندها المنافقون: نحن نخندق وهو يعدنا قصور فارس والروم (١).

٤٢٩ - من حديث جابر ﵁ قال: "لما حفر الخندق رأيت برسول الله ﷺ خمصًا (٢) فانكفأت (٣) إلى امرأتي، فقلت لها: هل عندك شيء؛ فإني رأيت برسول الله ﷺ خمصًا شديدًا، فأخرجت لي جرابًا (٤) فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة (٥) داجن (٦)، قال: فذبحتها وطحنت، ففزعت إلى فراغي، فقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله ﷺ. فقالت: لا تفضحني برسول الله ﷺ ومن معه، قال: فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله! إنا قد ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك، فصاح رسول الله ﷺ وقال: (يا أهل الخندق! إن جابرًا قد صنع لكم سورًا (٧) فحيهلا بكم).

وقال رسول الله ﷺ: (لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينتكم، حتى أجيء) فجئت وجاء رسول الله ﷺ يقدم الناس، حتى جئت امرأتي. فقالت: بك


(١) قال الهيثمي في المجمع: ٦/ ١٣١ - ١٣٢ رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أحمد ابن حنبل ونعيم العنبري وهما ثقتان.
(٢) خمصًا: خلاء البطن من الطعام.
(٣) انكفأت: فرجعت وانقلبت.
(٤) الجراب: الوعاء من الجلد.
(٥) البهيمة: السخلة الصغيرة من ولاد المعز.
(٦) داجن: ما ألف البيوت.
(٧) السور: الطعام الذي يدعى إليه.

<<  <   >  >>