للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتجهز الناس، لم تهيئوا للخروج، هم ثلاثة آلاف، فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله ، وسلموا عليهم، فلما ودع عبد الله بن رواحة؟ مع من ودع من أمراء رسول الله بكى، فقالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله يقرأه آية من كتاب الله ﷿، يذكر فيها النار ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ (١) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود. فقال المسلمون: صحبكم الله ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين، فقال عبد الله بن رواحة:

لكني أسأل الرحمن مغفرة … وضربة ذات فرغ (٢) تقذف الزبدا (٣)

أو طعنة بيدي حران مجهزة (٤) … بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا (٥)

حتى يقال إذا مروا على جدثي (٦) … أرشده الله من غاز وقد رشدا (٧)

[٤ - تخلف عبد الله بن رواحة لحضور صلاة الجمعة]

٦١٧ - من حديث ابن عباس قال: "بعث رسول الله ابن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة، قال فقدم أصحابه وقال: أتخلف، فأصلي مع النبي الجمعة، ثم ألحقهم، قال: فلما رآه رسول الله قال: (ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟) قال: أردت أن أصلي معك الجمعة قال: فقال رسول الله : (لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم) (٨).


(١) مريم: ٧١.
(٢) ذات فرغ: يريد طعنة واسعة.
(٣) الزبد: أصله ما يعلو الماء إذا غلا، وأراد هنا ما يعلو الدم الذي ينفجر من الطعنة.
(٤) مجهزة: سريعة القتل.
(٥) تنفذ الأحشاء: تخرقها وتصل إليها.
(٦) الجدث: القبر.
(٧) ابن هشام في السيرة: والبيهقي في الدلائل: ٤/ ٣٥٨ - ٣٦٠، والطبري في التاريخ: ٣/ ١٠٧، ٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤، عن عروة مرسلًا، ورجاله ثقات، وقال الهيثمي في المجمع: ٦/ ١٥٧ - ١٥٨، رواه الطبراني، ورجاله ثقات إلى عروة وله شاهد من الحديث الذي بعده.
(٨) أخرجه أحمد في المسند: ١/ ٢٥٦، وفي الطبعة المرقمة تحقيق أحمد شاكر برقم: ٢٣١٧، وقال الشيخ الساعاتي: ١٤/ ١٦: لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وسنده لا بأس به: قلت: بل أخرجه الترمذي في سنته كتاب الصلاة باب ما جاء في السفر يوم الجمعة رقم؛ ٥٢٧، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وابن أبي شيبة في المصنف: ١٤/ ٥١٢، وقد أعل بأن هذا الحديث ليس مما رواه الحكم =

<<  <   >  >>