للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه الغزوة أعلن عن وجهته التي يريد؛ لأن العدو كثير، والمسافة بعيدة، والحر شديد، فلا بد من الاستعداد والتزود.

٧٢٢ - من حديث كعب بن مالك قال: "كان رسول الله قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى (١) بغيرها، حتى كانت غزوة تبوك، فغزاها رسول الله في حر شديد، استقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا (٢) استقبل غزو عدد كثير، فجلا (٣) للمسلمين أمرهم ليتاهبوا أهبة (٤) عدوهم، أخبرهم بوجهه الذي يريد" (٥).

[٥ - دعوة الرسول المسلمين للتبرع لإعداد الجيش]

حث الرسول أغنياء الصحابة على التصدق، وهو ما يسمى بلغة العصر التبرع -لتجهيز الجيش الإِسلامي الضخم الذي احتشد للخروج مع النبي وإكمال تموينه؛ لأن بيت مال المسلمين بالمدينة ليس فيه ما يكفي لتموين وتجهيز هذا الجيش الكبير.

وما كاد الأغنياء وميسوري الحال من الصحابة يتبلغون نداء الرسول الحاث على التصدق والتبرع لإكمال تجهيز الجيش المغازي هذا حتى تسابقوا إلى ميدان التبرع والتصدق طمعًا فيما عند الله تعالى من ثواب، وكان التبرع من هؤلاء الكرام على أعلى مستويات السخاء فتم للرسول جمع أموال عظيمة من المتصدقين في وقت قليل جدًّا، تمكن بهذه الأموال من تموين الجيش وإكمال تجهيزه حيث وفر للجيش وسائل النقل، والأسلحة، والأكل لأفراده الذين لا يقدرون على أن يوفروها لأنفسهم من مالهم الخاص.

وكان من أعظم هؤلاء جميعًا سخاء عثمان بن عفان ، فقد ضرب الرقم القياسي في البذل والسخاء حين جاء بالمال الكثير لتجهيز المقاتلين


(١) ورى: أوهم بغيرها.
(٢) المفاز: الفلاة التي لا ماء فيها.
(٣) جلا: أوضح لهم أمرهم.
(٤) الأهبة: أخذ ما يحتاجون إليه في سفرهم.
(٥) أخرجه البخاري في الجهاد، باب من أراد غزوة فورى بغيرها رقم: ٢٩٤٨، مسلم في التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبية: ٢٧٦٩، وسيأتي مزيد في تخريجه عند ذكر قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه، فانظره هناك.

<<  <   >  >>