للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من حديث المزعجات]

أذيعت سنة ١٩٥٨

الكلام اليوم في حديث المزعجات. وأنا أحب قبل أن أبدأ الحديث أن أخبركم بسر من أسرار المهنة، هو أن الحديث العلمي الذي أتعب في إعداده وأنفق فيه الساعات الطويلة لا يلقى من التشجيع والرضا عُشرَ ما يلقاه حديثٌ كحديث اليوم الذي أكتبه في ساعة واحدة بلا كد ولا تعب، فهل معنى هذا أن أكثر السامعين والسامعات من غير العلماء والمثقفين أم أن الناس (حتى العلماء منهم والمثقفين) لا ينتظرون من الإذاعة إلا أمثال هذه الأحاديث السهلة القريبة؟

ولكن ما لي وما لهذا الكلام، وأنا الرابح على كل حال؟

* * *

إن أزعج المزعجات وأشنع المصائب هذا الرادّ (الراديو). أفليس عجيباً أن أذيع فيه وأتكلم عنه؟ هذا الرادّ الذي حطم أعصابي وأطار صوابي، والذي اخترعه مخترعه ليؤذي به الأدباء وأهل الفكر، فكلما استغرقوا في أفكارهم أو طاروا في آفاق خيالهم أو نسوا الدنيا وما فيها في غمرة التأمل أو في ذهلة

<<  <   >  >>