للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوليد بصدر الأم الرؤوم؟ والشمس! ألا تزال الشمس تضحك لبردى وأبنائه، وتستحم أنوارها في مائه، وتسبح أشعتها في سمائه؟

وصدر الباز ومصطبة الإمبراطور والصوفانية والشاذِروان؟ حدثني عنها ... حدِّثْ عن دمشق، ألا يزال الناس يعيشون في دمشق للخير والجمال؟ ألا يزال التجار يخرجون من صلاة العصر فيغلقون دكاكينهم ويمضون إلى بيوتهم، إلى أولادهم وأهليهم. ثم يتعشون المغرب ويؤمّون المساجد، فإذا صليت العشاء خرجوا، فمنهم من عاد إلى داره ومنهم من ذهب إلى الدرس ومنهم من مشى إلى «الدَّوْر» ...

قل لي: ألا يزال «الدَّوْر» يجمع الإخوان المتآلفين والأحبة المتصافين، يسمرون في كل ليلة في منزل واحد منهم ينشدون الأشعار ويسوقون النوادر، ويروون المضحكات ويطالعون الكتب ويتجاذبون الحديث، ويأكلون ألوان الحلويات ويشربون الشاي، ثم ينصرفون إلى دورهم وقد استمتعوا أوفى ما يكون الاستمتاع وسرّوا أكثر ما يكون السرور، وما غشوا قهوة ولا أمّوا ملهى، ولا جالسوا غريباً ولا أتوا محرماً، ولا أنفقوا في غير وجهه مالاً؟

ألا تزال منازل المشايخ في «زقاق النقيب» و «حمام أسامة» (١) و «القيمرية» معاهدَ إرشاد، ومدارس علم، ودارات ملوك؟ قل لي! من بقي من تلك الأسر العلمية: آل حمزة وآل عابدين


(١) عامة أهل الشام يسمّونه «حمام سامه» بالإمالة وخاصتهم يظنونه «حمام سامي».

<<  <   >  >>