للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-٧ -

وانظروا إلى موقف الشيخ محمد عبده مع اللورد كرومر: زار الشيخ اللورد مرة، فقابله الناموس (السكرتير)، ولم يعرفه، فقال له: إن اللورد كرومر غائب.

فترك بطاقته وعاد، فلم يبتعد خطوات حتى أحسّ اللورد، فبعث الناموس يدعوه ويعتذر إليه، فقال الشيخ: في فرصة أخرى. ولم يَعُدْ.

-٨ -

وأخبار الشيخ طاهر (١) في زهده في الدنيا وانصرافه عنها أشهر من أن تُذكر. من ذلك أنه لما قدم مصر واحتاج، جعل يبيع


(١) وهو الشيخ طاهر الجزائري، رائد النهضة العلمية في بلاد الشام في القرن الماضي. وكان يهوى جمع الكتب منذ كان في السابعة من عمره، فجمع كثيراً من الكتب النادرة والمخطوطات النفيسة حتى صار مرجعاً فيها، وأنشأ دار الكتب الظاهرية في الشام فصارت من أكبر مكتبات الشرق وأحفلها بالمخطوطات، كما أنشأ في القدس المكتبة الخالدية. وهاجر إلى مصر سنة ١٣٢٤ هـ وأقام بها مدة واحتاج فباع أكثر كتبه. وكان يتقن -مع اللغة العربية- اللغات التركية والفارسية والفرنسية والسريانية والحبشية والعبرانية. له في «الأعلام الشرقية» ترجمة حافلة في آخرها: "كان محباً للعلم والعلماء، كثير الاطلاع، كريم الأخلاق، وكان يرفق بالضعفاء ويحمل على العظماء ويكره الاستعمار كرهاً شديداً ويحب المدنية ويحث على تعلم لغات الغرب" (مجاهد).

<<  <   >  >>