للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلا مدرسة. وكان من نتائج ذلك أن نشأت مشكلة جديدة، هي مشكلة الأولاد، ماذا تصنعون بهم في الصيف؟

هل تنوون أن تحرموهم حقهم في اللعب والحركة والانطلاق وتكلّفوهم أن يقعدوا طول النهار صامتين جامدين في هذه الطوابق المغلقة، فتكون العطلة سجناً عليهم، وهي ما وُجدت إلاّ لتكون راحة لهم ومتعة لأنفسهم؟

أم أنتم تنوون أن تطلقوهم على هواهم؛ تذهبون إلى أشغالكم وتتركونهم في البيت للأم المسكينة، يقفزون من حولها من الصباح إلى المساء، ويزوغون منها يوسّخون ما نظّفته ويفسدون ما أصلحته، ويكسرون الآنية ويمزّقون الستائر، فتطلع روحها منهم أو تضيق بهم، فتقذف بهم إلى الشارع، يجتمعون فيه بأولاد الجيران فينطّون ويثبون، ويصيحون ويزيّطون، ويتضاربون ويترامون بالحجارة، فيزعجون المريض ويوقظون النائم ويضايقون العباد، وتكون لهم الطرق مدارس شيطانية تعلّمهم كل بذيء من القول وقبيح من الفعل، ثم لا يعودون إلى الدار إلاّ بثياب وسخة وملابس ممزقة، وربما عاد أحدهم إلى بيته محمولاً قد شجّ رأسه حجر، أو كسرت رجله وقعة، أو لطمته دراجة، أو ضربته سيارة، فلا يكون لعب الأولاد في الطريق إلاّ شراً عليهم وعلى الناس؟

فما العمل؟

أما الأولاد الذين يذهبون مع أهليهم إلى المصايف فلا كلام لنا الآن فيهم، وإن كانت لنا عودة -إن شاء الله- إلى الكلام عنهم. بقي الذين لا يصطاف أهلوهم، وهؤلاء هم موضوع المشكلة؛

<<  <   >  >>