للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ها هو ذا رمضان، فإذا أردتم أن تصوموا حقاً فصوموا فيه عن الأحقاد والمآثم والشرور، كفّوا لسانكم فيه عن اللغو وغضّوا فيه أبصاركم عن الحرام، واعلموا أن من الصائمين من ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش؛ ذلك الذي يترك الطعام ويأكل بالغيبة لحوم إخوانه، ويكف عن الشراب ولكنه لا يكف عن الكذب والغش والعدوان على الناس. ولقد سأل الرسولُ صلى الله عليه وسلم أصحابَه: «من المفلس؟»، قالوا: «المفلس فينا من لا مال له ولا درهم»، قال: «المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وحسنات، ويأتي وقد ضرب هذا وشتم هذا وأكل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فلا يبقى له شيء» (١). وأفظع الذنوب الكذب، الكذب بالقول والكذب بالفعل، بأن تتزيّا بزي الصالحين وتتخذ سمت المتقين وأنت مُراءٍ مخادعٌ تريد أن تأكل الدنيا بالدين. ولقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يسرق المؤمن؟ هل يفعل كذا وكذا من الذنوب؟ فأجاب بأنه ربما وقع ذلك منه فتاب، فسألوه: هل يكذب المؤمن؟ قال: لا، إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون (٢).


(١) الحديث عن أبي هريرة، وفيه: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه: أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طرح في النار». رواه مسلم وأحمد بألفاظ متقاربة (مجاهد).
(٢) لم يرد هذا الحديث في الكتب الصحيحة، وخرّجه الحافظ العراقي في «الإحياء»، وهو ضعيف (مجاهد).

<<  <   >  >>