للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الوجود شيءٌ يُفرُّ منه ويُستَعاذ منه ويُلْجَأ (١) منه إلا وهو من الله خلقًا وإبداعًا.

فالفارُّ والمستعيذ فارٌّ مما أوجبه (٢) قَدرُ الله ومشيئتُه وخَلْقُه، إلى ما تقتضيه رحمته وبرُّه ولُطْفُه وإحسانه؛ ففي الحقيقة هو هارب من الله (٣) إليه، ومستعيذ بالله منه.

وتصوُّر هذين الأمرين يُوجِب للعبد انقطاعَ عَلَقِ (٤) قَلْبِه من غير الله (٥) بالكلِّية خوفا ورجاء ومحبة؛ فإنه إذا عَلِمَ أنَ الذي يفرُّ [منه] (٦) ويستعيذ منه إنما هو بمشيئة الله وقدرته وخَلْقه، لمْ يَبْقَ في قلبه خوف من غير خالقه ومُوجده؛ فتضمَّنَ ذلك إفرادَ الله وحدَه بالخوف والحُب والرجاء، ولوَ كان ذلك فراره مما لم يكن بمشيئة الله ولا قدرته لكان ذلك موجبًا لخوفه منه، مثل من (٧) يفرُّ من مخلوق آخرَ أقدرَ منه، فإنه في حال فراره من الأول إلى الآخر خائفا منه حَذِرٌ (٨) أن لا يكون الثاني يعِيذه (٩) منه، بخلاف ما إذا كان الذي


(١) ط: "يلتجأ".
(٢) ط: "أوجد".
(٣) ق: "فار منه".
(٤) ط: "تعلق".
(٥) ط: "عن غيره".
(٦) زيادة من ط، ق.
(٧) ط: "ما".
(٨) ط: "خائف منه حذرًا". ق: "خائفًا منه حذرًا".
(٩) ط: "يفيده".

<<  <  ج: ص:  >  >>