للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُطالَب بهما في الدنيا، فهو مطالَب بهما في الدُّور الثلاثة: دار الدنيا (١)، ودار البرزخ، ودار القرار. قال قتادة (٢): "كلمتان يُسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ ".

وهاتان الكلمتان هُما مضمون الشهادتين. وقد قال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)(٣)؛ فأقسمَ سبحانَه بأجلِّ مُقسَمٍ به -وهو نفسه ﷿- على أنهم لا يَثبت لهم الإيمان، ولا يكونون من أهله، حتى يُحكِّموا رسوله في جميع موارد النزاع، وهو كل ما شَجَرَ بينهم من مسائل النزاع (٤) في جميع أبواب الدين. فإن لفظة "ما" من صيغ العموم؛ فإنها موصولة تقتضي نَفْيَ الإيمان إذا لم يُوجَد (٥) تحكيمُه في جميع ما شجر بينهم.

ولم يقتصر على هذا حتى ضمَّ إليه انشراح صدورهم بحكمه، حيث لا يجدوا (٦) في أنفسهم حرجًا -وهو الضِّيقُ والحَصَرُ- من حُكمِه، بل يَتَلقَّوا حُكمه (٧) بالانشراح، ويقابلوه بالقبول (٨)، لا أنهم


(١) "فهو. . . الدنيا" ساقطة من ط.
(٢) روي نحوه عن أبي العالية، انظر تفسير الطبري (١٤/ ٤٦) وابن كثير (٢/ ٥٧٩).
(٣) سورة النساء: ٦٥.
(٤) "وهو. . . النزاع" ساقطة من ط، ق.
(٥) ط: "أو يوجد".
(٦) ط: "لا يجدون".
(٧) ط: "يقبلوا حكمه".
(٨) ط: "بالتسليم".

<<  <  ج: ص:  >  >>