للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقامَ ذكرِه مرتين. وهو الخضوع له، والانقياد لما حكم به طوعًا ورِضى، وتسليمًا لا قهرًا ومصابرةً؛ كما يسلِّم المقهورُ لمن قهره كرها، بل تسليم عبدٍ محبٍّ (١) مطيع لمولاه وسيِّدِه الذي هو أحبُّ شيء إليه، يعلم أن سعادته وفلاحه في تسليمه إليه، ويعلم (٢) بأنه أولى به من نفسه، وأبرُّ به منها، وأرحمُ به منها، وأنصحُ له منها، وأعلمُ بمصالحِه منها، وأقْدَر على تحصيلها (٣).

فمتى عَلم العبدُ هذا من الرسول ﷺ استسلم له، وسلَّم إليه، وانقادت كل ذرّة من قلبه (٤) إليه، ورأى أنه لا سعادةَ له إلا بهذا التسليم والانقياد.

وليس هذا مما يحصل معناه بالعبارة، بل هو أمر قد انشقَّ [له] (٥) القلبُ واستقرَّ في سوَيدائِه، لا تَفِي العبارةُ بمعناه، ولا مَطمع في حصوله بالدعوى والأماني.

فكلٌّ يدعونَ وصالَ ليلَى … ولكن لا تُقِرُّ لهمْ بذاكا (٦)


(١) "محب" ساقطة من ط.
(٢) في الأصل: "وعلمه".
(٣) ط: "تخليصها". ق: "حفظها".
(٤) ط: "وانقادت له كل علة في قلبه".
(٥) زيادة من ق.
(٦) كذا في الأصل، والرواية المشهورة: وكلٌّ يدَّعي وصلا بليلى * وليلى. . . . وهو من عائر الشعر الذي لم ينسب لقائل معين.

<<  <  ج: ص:  >  >>