للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنَّما يقال إنها نافذةٌ وقائمةٌ وَفْقًا للأحوال والظُّروف، فإنْ كان المسلمون أقوياء فالعشرون منهم يغلبوا مائتين، وإن كانوا ضعفاء فالمائة منهم يغلبوا مائتين، وكذلك الوَعْدُ بإمدادهم بثلاثة آلاف من الملائكة أولًا، ثَّم جاءَ الوَعْدُ الثَّاني: {إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: ١٢٥].

ولقد ذَهَب بعض الباحثين في علوم القرآن والمتدَبِّرينَ لأحكامه وأخباره إلى أنه لا نَسْخ في القرآن إطلاقًا! وإنما هي أحكامٌ نزلت على مراحل وظروف متدرِّجة وفقًا لأحوال المسلمين، وحاجاتهم، وقدراتهم.

ومن أمثلة الإسراف في ادِّعاء النَّسخ قول الشَّيخ -رحمه الله- إن هذه الآية: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧]، قال: إنَّها نُسِخَتْ بهذه الآية: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ} إلى قوله تعالى {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠]، ووجْهَةُ نَظَري أنَّهُ لا نَسْخ في الآية الأولى؛ لأنَّها من قبيل الأخبار، ومعناها قائمٌ أبدًا، فثمراتُ النَّخيلِ والأعناب ما تزالُ إلى يوم القيامة يأكلها فريقٌ من النَّاسِ طعامًا أو فاكهةً حلالًا ورزقًا حَسَنًا، وفريقٌ آخر يتخذها خمرًا وسَكَرًا، فمضمونها حقيقةٌ

<<  <   >  >>