للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولمَّا ألحَّ السعدون في الموضوع أجابه شيخُنا رافعًا صوتَهُ وبنبرة المُحتَدِّ قائلًا: يا أخي عبد الله لا تفكِّر في أني أرفعُ حاجتي إلى مَلِكٍ غيرِ مطَّلعٍ عليها هو بنفسه.

ثمَّ إنَّ السعدون انصرف بعدما تركَ ربطةً من النُّقود لا أعلم قدرها إلا أنَّ رباطها مختومٌ بالرَّصاص.

ولَمّا انصرف السّعدون قلتُ له: لو أنّك يا فضيلة الشَّيخ طلبتهُ مساحاتٍ من أرض المدينة يجعل فيها إخوانُك منازلَهُم المتواضعة.

قال: إنِّي أخافُ العاقبة السَّيئة، إني لو فعلت لَيُلَبينَّ المَلِكُ طَلَبي.

وأَوَّلُ مَنْ يعلم بذلك أهلُ قرابتي فيبادرون النُّزول فيها قبل النَاس، فتنقلب المِنْحةُ مصيبةً لِما سوف يقوم به أولئك المسبوقون من رفع برقياتِ الشكاية، ومعلومٌ أنَّ المِنْحة بالغةً ما بلغتْ لن تَسَعَ هؤلاء المساكين، فيتغيَّر وضعهم من فقراء جَديرين بالعطفِ عليهم إلى مشاغبين مرغوب عنهم.

ولقد صَدَقَ؛ فقد كان فكرُهُ ذلك حَزًا في مَفْصِل، إن الله قد حبَّبَ الشَّغَب إلى بعض النَّاس، والمثلُ يقول: "اتقِ شَرَّ مَنْ أَحْسَنْتَ إليه".

حدثني شيخي قال: بينا أنا في أحَدِ الفصول أثناء دَرسٍ إذ ناولني

<<  <   >  >>