للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النحو على المشايخ والبلاغة والفقه والأصول والحديث، وحضرنا كتباً في التفسير والكلام والتصوف، وعرفنا عشرات من أمّات (١) كتب العلم، قرأنا فيها أو تصفحناها أو رجعنا إليها، وحفظنا أسماء مئات من أعلام الإسلام من الصحابة والتابعين والفقهاء والمحدثين والمفسرين والفلاسفة والقواد والأدباء والشعراء، حتى صارت أسناد الحديث والأدب مألوفة لنا، لكثرة من عرفنا من رجالها، ومن لا نعرفه نرجع إلى ترجمته، وكنا في الثانوي نرجع إلى الإصابة وأسد الغابة والاستيعاب، وتهذيب التهذيب، وتهذيب الأسماء واللغات وابن خلكان والفوات ومعجم الأدباء، وطبقات السبكي وتاريخ الخطيب، وابن عساكر، والديباج المذهب، وطبقات الحنفية والبغية، وتاريخ الخلفاء والقفطي وابن أبي أصيبعة، وكانت هذه الكتب كلها -وأخرى نسيتها- في مكتبة أبي وكانت تحت يدي من تلك الأيام.

وقد نبغ في صفنا (فصلنا) جماعة من الأعلام، كسعيد الأفغاني، وجمال الفرا، ووجيه السمان، وأنور الشلاح، ومحمود البحري، وقد نبغ في الصف الذي أمامنا طائفة أخرى من الأعلام كأسعد الكوراني، وأنور العطار، وجميل سلطان، وزكي المحاسبي، وعبدالكريم الكرمي. وفي الصف الذي بعدنا محمود مهدي الاسطنبولي، وظافر القاسمي، وأحمد مظهر العظمة، ومحمد كمال الخطيب.

وما كانت تمر سنة لا ينبغ فيها نابغون في الأدب والعلم، وممن نبغ في صفنا في كلية الحقوق، مصطفى الزرقا ويونس السبعاوي وصديق شنشل وبدرالدين الكاتب وعادل العدواني.

ثم شح الينبوع، ثم جفَّ أو كاد، حتى ما نجد في السنين الطوال كاتباً ينبغ في الشام، أو شاعراً يظهر، أو محققاً يرى، وما زال الأمر إلى تخلّف ولقد اشتغلت بالتعليم دهراً في الشام والعراق ولبنان فما فارقت فوجاً من الطلاب إلا استقبلت أضعف منه، حتى انتهى بي الأمر، أن دعيت (من سنتين) إلى تدريس الأدب لطلاب السنة الأخيرة من مدرسة ثانوية، فدخلت فوجدت


(١) قالوا: الأمهات للناس والأمان للأشياء.

<<  <   >  >>