للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله حق جهاده، وشرع في الجهاد من حين بعث إلى أن توفاه الله عز وجل، فإنه لما نزل عليه: {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر ..} (١) شمر عن ساق الدعوة وقام في ذات الله أتم قيام، ودعا إلى الله ليلا ونهارا، وسرا وجهارا. فلما نزل عليه: {فاصدع بما تؤمر} (٢) فصدع بأمر الله، لا تأخذه في الله لومة لائم، فدعا إلى الله الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والأحمر والأسود، والجن والإنس، ولما صدع بأمر الله، وصرح لقومه بالدعوة، وناداهم بسب آلهتهم، وعيب دينهم، اشتد أذاهم له، ولمن استجاب له من أصحابه، ونالوهم بأنوع الأذى، وهذه سنة الله عز وجل في خلقه كما قال تعالى: {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك} (٣) وقال: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن} (٤) وقال: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} (٥)، فعزى الله تعالى نبيه بذلك وأن له أسوة بمن سبقه من المرسلين، وعزى أتباعه بقوله: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} (٦) .. فمن آمن بالرسل وأطاعهم عاداه أعداؤهم وآذوه، فابتلى بما يؤلمه، وإن لم يؤمن بهم ولم يطعهم، عوقب في


(١) المدثر: ١ - ٤.
(٢) الحجرات ٩٤.
(٣) فصلت ٤١.
(٤) الأنعام ١١٢.
(٥) الذاريات ٥٢.
(٦) البقرة ٢١٤.

<<  <   >  >>