للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه. قالت: ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله ابن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي، قالت: فقال بطارقته حوله:

صدقا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينا، وأعلم بما عابوا عليهم، فأسلمهم إليهما. فليرداهم إلى بلادهم وقومهم.

قالت: فغضب النجاشي، ثم قال:

لاها الله، إذن لا أسلمهم إليهما، ولا يكاد قوم جاوروني، ونزلوا بلادي، واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم، فإن كانو كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم، وإن كانو على غير ذلك منعتهم منهما، وأحسنت جوارهم ما جاوروني.

قالت: ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله (ص) فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعو ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا: نقول والله ما علمنا، وما أمرنا به نبينا (ص) كائنا في ذلك ما هو كائن، فلما جاؤوا وقد دعا النجاشي أساقفته (١) فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم: ما هذا الذي فارقتم به قومكم، ولم تدخلو به في ديني، ولا في دين أحد من هذه الملل؟ فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب. فقال له: أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي


(١) أساقفة: علماء النصارى الذين يقيمون لهم دينهم.

<<  <   >  >>