للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدوه، ومكن له في بلاده. قالت: فوالله ما علمتنا فرحنا فرحة مثلها. قالت: ورجع النجاشي، وقد أهلك الله عدوه، ومكن له في بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة، فكنا عنده في خير منزل، حتى قدمنا على رسول الله (ص) وهو بمكة) (١).

...

ونقف عند هذا الحدث لنفقه بعض دروسه لأهميته:

١ - رسول الله هو الذي وجه الأنظار إلى الحبشة، وهو الذي اختار المكان الآمن لجماعته ولدعوته، كي يحميها من الإبادة.

وهذا يقتضي من قيادة الدعوة الإسلامية في كل عصر أن تخطط بحكمة وعمق بالغين لحماية الدعوة والدعاة، وتبحث عن الأرض الآمنة، التي تكون عاصمة احتياطية للدعوة، ومركزا من مراكز انطلاقها فيما لو تعرض المركز الرئيسي للخطر، أو وقع احتمال اجتياحه. فجنود الدعوة هم الثروة الحقيقية، وهم الذين تنصب الجهود كلها لحفظهم وحمايهم،

دون أن يتم أي تفريط بأرواحهم وأمنهم، وداعية واحد يعادل كل كفار الأرض بل يرجح عليهم.

٢ - واختيار النوعيات الجيدة لهذه المهمات، كذلك هو الذي يضمن نجاح مثل هذه المهمة - وهي مهمة شاقة ولا شك أن تفتح أرضا جديدة وتكسب موقعا جديدا - فقرة عين أصحاب محمد (ص) توجهوا لهذه


(١) مجمع الزوائد ٦/ ٢٥ - ٢٧ وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا ابن إسحاق وقد صرح بالسماع، فالحديث صحيح. وهو في السيرة النبوية لابن هشام ٣٣٤/ ١ - ٣٣٨.

<<  <   >  >>