للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشاءت حكمته تعالى أن لا يدع البشر نهبة للشياطين، إنما أرسل إليهم الرسل {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ..} (١).

وبذلك تقوم الحجة على الخلق كافة {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ..} (٢) .. {... وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} (٣) .. {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ..} (٤).

(ومن ها هنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول، وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضا الله البتة إلا على أيديهم، فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم. وما جاؤوا به، فهم الميزان الراجح الذين على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأعمال والأخلاق، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير) (٥).


(١) البقرة من الآية ٢١٣.
(٢) النحل من الآية ٣٦.
(٣) فاطر من الآية ٢٤.
(٤) النساء من الآية ١٦٥.
(٥) زاد المعاد فصل: اضطرار العباد لبعثة الرسل ٢٨.

<<  <   >  >>