للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - ونجد في خيبر نموذجين متقابلين كذلك، فليس كل صمود وقتال يمثل حقيقة الإسلام، إذ لا بد من خلوص النية في الجهاد في سبيل الله لتتضح عوامل النصر والهزيمة أمام أعيننا.

فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا خيبر، فقال رسول الله (ص) رجل ممن معه يدعي الإسلام ((هذا من أهل النار)) فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراحة، حتى كاد بعض الناس يرتاب. فوجد الرجل ألم جراحه فأهوى بيده إلى كنانته فاستخرج منها أسهما فنحر بها نفسه، فاشتد رجال من المسلمين فقالوا: يا رسول الله أصدق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه فقال: ((قم يا فلان فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر)) (١).

ويقابل هذه الصورة ما رواه البيهقي عن أنس: (أن رجلا أتى رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله إني رجل أسود اللون قبيح الوجه، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة؟ قال: ((نعم)) فتقدم فقاتل حتى قتل، فأتى عليه رسول الله (ص) وهو مقتول فقال: ((لقد حسن الله وجهك وطيب ريحك وكثر مالك)) وقال: ((لقد رأيت زوجتيه من الحور العين يتنازعان جبته عليه يدخلان فيما بين جلدته وجبته)) (٢).

وفي رواية ثانية للبيهقي: وقال فيه ((قتل شهيدا وما سجد لله سجدة)) (٣).


(١) البخاري ك. ٦٤ ب. ٣٨ ج ٥ ص ١٦٩.
(٢) و (٣) البداية والنهاية لابن كثير ٤/ ٢١٥.

<<  <   >  >>