للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: وكانوا يهمون بذلك ويهابون هدمها. وإنما كانت رضما (١) فوق القامة، فأرادوا رفعها وتسقيفها. وذلك أن نفرا سرقوا كنز الكعبة، وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة .. وكان البحر قد رمى بسفينة إلى جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت فأخذوا خشبها، فأعدوه لتسقيفها. وكان بمكة رجل قبطي نجار، فتهيأ لهم في أنفسهم بعض ما يصلحها. فلما أجمعوا أمرهم في هدمها وبنائها قام أبو وهب بن عمرو بن .. مخزوم، فتناول من الكعبة حجرا فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه، فقال: يا معشر قريش لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلاطيبا، لا يدخل فيها من بغي ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس.

ثم إن قريشا جزأت الكعبة، فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة، وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم، وقبائل من قريش انضموا إليهم. وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم، وكان شق الحجر لبني عبد الدار ولبني أسد ولبني عدي وهو الحطيم.

ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها كل قبيلة تجمع على حدة، ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن، فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا (٢) وتحالفوا وأعدوا للقتال، فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما، ثم تعاقدوا هم وبنو عدي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعقة الدم، فكانت قريش


(١) رضما: حجارة ينضد بعضها فوق بعض.
(٢) تحاوزوا: انحازت كل قبيلة إلى جهة.

<<  <   >  >>