للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء} (النحل: ٧١).

والإسلام الذي يهدف إلى جعل المسلمين من أحسن الأمم في الدنيا، أولى هذه المسألة عناية فائقة وأوجد لها حلا نهائيا وهذا الحل يتمثل في فرض الزكاة.

وقد فرضت الزكاة على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، وكان قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - الرحيم متعاطفا مع المساكين رحيما بالفقراء مواسيا للمتألمين، والإسلام منذ البداية حث المسلمين بصفة خاصة على مؤازرة الفقراء والمساكين، فتعاطفهم هو أنيس الفقراء، وانطلاقا من هذه التربية الطاهرة كان المسلمون يقومون بعمل الشيء الكثير للفقراء والمساكين، ومع هذا لم تكن هناك قاعدة ثابتة مقررة يمكن اعتبارها قانونا يعمل به، ولذا كان ما يجود به الأغنياء نابعا من كرمهم وجودهم.

ثم فرض الله تعالى الزكاة وجعلها الركن الثالث للإسلام (بعد الشهادة والصلاة)، والزكاة في الحقيقة هي اسم لتوظيف صفة التعاطف والرحمة الكامنة في قلب الإنسان بالفطرة تجاه أبناء جنسه، والفائدة التي تعود على المزكي من أداء الزكاة هي أن حب المال لا يمكن أن يطغى على الأخلاق الإنسانية، كما أن الإنسان من ناحية أخرى يتطهر من عيوب البخل والإمساك بالإضافة إلى أن الإنسان يعتبر الفقراء والمساكين جزءا لا يتجزأ من أمته، ولهذا لا يدفعه جمع ثروة لأحد لها إلى الكبر والغرور.

ومن فوائد الزكاة أيضا أن طبقة الفقراء وهي طبقة عريضة تستأنس بدافع الزكاة وتحبه كما أنها تتعاطف معه وتطلب له المزيد من الثروة والغنى لأنهم يرون أن لهم نصيبا فيها، وكأن ثروة الغني المسلم ثروة شركة يشترك فيها المساهمون بأنصبة متفاوتة.

أما الفائدة التي تعود على الأمة من الزكاة فهي انعدام عادة التسول تماما.

وقد جعل الإسلام حق الفقراء في ثروة الأغنياء في الأموال النامية فقط، فلا يشق ذلك على الأغنياء، والأموال النامية هي التجارة والزراعة والمواشي (من الغنم والضأن والإبل والبقر) والنقود والمعادن والركاز.

والمستحقون لهذه الأموال ورد ذكرهم في القرآن الكريم (١):


(١) يمكن الرجوع لكتبه الفقه لمعرفة جنس الزكاة ومقدارها بالتفصيل لأن هذا خارج عن موضوع الكتاب.

<<  <   >  >>