للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فطلبت من الخليل أن يفصل بينها وبين هاجر، فكان أمر الله بجعل بني إسماعيل سدنة لبيته، وأوحى الله إلى إبراهيم ما في ذلك من حكمة، فسار بابنه الوحيد وزوجته الحبيبة إلى واد غير ذي زرع حيث توجد مكة اليوم، يقول القرآن الكريم: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة} (إبراهيم: ٣٧).

وفي صحيح البخاري: " ليس يومئذ بمكة أحد وليس بها ماء " (١).

ولما ترك إبراهيم هاجر في هذا المكان وولى لها ظهره قالت الزوجة لزوجها.

" إلى من تتركنا؟ "، قال: " إلى الله " - قالت: " رضيت بالله " (٢).

وجاء في سفر التكوين الأصحاح الواحد والعشرون (١٥/ ١٩):

" ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار ... فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت فسمع الله صوت الغلام ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها مالك: يا هاجر لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو، قومي احملي الغلام وشدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء ".

وفي صحيح البخاري:

" فإذا هي بصوت فقالت أغث إن كان عندك خير فإذا جبريل وغمر عقبه على الأرض فانبثق الماء ".

ففي هذه النصوص من الحديث والتوراة دلالة واضحة على منزلة هاجر عليها السلام العالية عند الله، فقد كلمها الملك طورا وناداها من السماء طورا آخر، وانبثق الماء مما لها من مكانة عظيمة عند الله.

ومن المؤسف أن يغمض أهل الكتاب أعينهم عن هذه الفضائل ويقولون أنها أمة تقليلا من شأنها.

والمسلمون يوافقون اليهود والنصارى في أن فرعون مصر أعطى السيدة هاجرة لخدمة السيدة سارة. ورد في صحيح البخاري - كتاب الهبة - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١) صحيح البخاري كتاب الأنبياء عن ابن عباس.
(٢) نفسه.

<<  <   >  >>