للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الف - فأراد البعض بما تقدم وما تأخر زمن ما قبل النبوة، وقالوا: أخبر في الآية عن غفران أمور الجاهلية واعترض على ذلك الإمام السبكي قائلا بأن النبي (ص) لم يتلبس حتى قبل النبوة، بأمر من أمور الجاهلية ولهذا فلا معنى لغفران ذنب لم يرتكبه.

ب - وقد أراد الزمخشري والبيضاوي (١) بالذنب الزلات الصغيرة، وقالوا: إن الله تعالى جعلها موضع لطفه وعنايته.

واعترض الإمام السبكي بأن مثل هذه الزلات أيضا لم تثبت في حق النبي (ص)، وقد اتفق علماء الأمة على عصمة الأنبياء عليهم السلام بحيث لا تصدر منهم صغائر ولا كبائر، ولهذا لا يستقيم التعليل المذكور.

ج - ثم بين السبكي رأيه في الموضوع، واستحسنه الشيخ عبد الحق المحدث الدهلوي، فقال: إن الآية لا تخبر عن وقوع معصية أو ذنب في الحقيقة، بل تفيد التكريم والتشريف إذ إذا تصور أحد إمكان وقوع زلة فإنها أيضا مغفورة. بل المراد نفي الذنب مطلقا.

ويقول: ليس مقصود الكلام إثبات ذنب ثم غفرانه بعد ذلك.

د - وقد حمل القاضي عياض (٢) رحمه الله لفظ المغفرة على التبرئة من العيوب.

هـ - وقد أورد الخازن (٣) في ((تفسيره)) قول عطاء الخراساني بأن المراد بما تقدم من الذنب ذنب أبويك آدم وحواء عليهما السلام، وبما تأخر منه ذنب الأمة.

وللقراء أن يختاروا من هذه الأقوال ما شاءوا، ولكن الحقيقة أن هناك بقية من القول بعد ما ذكرناه في بيان العلماء وشرحهم. فالوجه الأول للإشكال أن قوله تعالى {ما تقدم من ذنبك وما تأخر} واضح في إثبات الذنب، وهذا مخالف لعقيدة جمهور الأمة بالإجماع.

والوجه الثاني أن اللام في قوله ((ليغفر)) لام كي، ويكون الإشكال هنا هو ما هي العلاقة في جعل فتح مكة سببا للمغفرة؟


(١) أنوار التنزيل (٣١٧/ ٢).
(٢) الشفا ج ٢ ص ١٣٨.
(٣) لباب التأويل ج ٦ ص ١٥٧. سورة الفتح.

<<  <   >  >>