للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأتباع فرعون كانوا ألصقوا بموسى تهمة القتل العمد، وكان عقاب ذلك بعد ثبوته القتل قصاصا. وكان موسى يفهم نظرة أتباع فرعون، ويعلم أنهم لا يراعون بفكرهم العادي شرط النية، ولا يفهمون أن اللطمة الواحدة لا تؤدي عادة إلى الهلاك، أو يغلب على ظن اللاطم كونها مؤدية إلى الهلاك علما أو احتمالا، ولو ضمت هذه النقاط القانونية الضرورية إلى إتمام موسى لكانت تهمة القتل الموجهة إلى موسى أقل مما هو مذكور في البند رقم (٣٢٣) في القانون الجنائي للهند، أي مثل الفعل التأديبي فيما يتعلق بحسن النية وهكذا لا تكون هناك جريمة من وجهة نظر القانون.

ج - ورد في الحديث: (إذا تصافحا لم يبق بينهما ذنب) (١).

قال صاحب مجمع البحار (٢) مبينا معنى الذنب هنا: أي غل وشحناء، فالذنب هنا بمعنى الحقد وضيق الصدر.

د - ورد في آية أخرى من القرآن:

{واستغفر لذنبك وللمؤمنين} (٣) فذكر ههنا ذنب واحد للنبي (ص) وللمؤمنين.

وبالنظر إلى الأمور المذكورة أرى أن معنى الذنب في الآية إلصاق التهمة من القوم، والمراد بما تقدم زمن ما قبل الهجرة، وبما تأخر زمن ما بعد الهجرة.

ويعلم علماء السيرة أن التهم التي وجهت إلى النبي (ص) من الكفار قبل الهجرة كانت مختلفة عن تلك التي وجهت إليه بعد الهجرة.

ما اتهم به قبل الهجرة: أنه كاهن، وشاعر، ومجنون، وساحر، وأنه يختلق الأساطير بعد سماعها من الناس، وأنه يأتيه أحد من غير قومه فيدرسه، وغيرها كثير.

ما اتهم به بعد الهجرة: إنه يفرق بين القوم، ويخرب مكة، ويفرق بين أخ وأخ، وبين الأم وولدها، ويهدد تجارتنا ويشتت شمل أمتنا وغيرها كثير.

تهم موجهة إلى المؤمنين: وكانوا يتهمون المؤمنين بأنهم سفهاء، بادي الرأي، أراذل، عبيد لا يلتفت إليهم، وإلى ذلك تشير الآية الكريمة: {تزدري أعينكم} (٤)


(١) مشكاة المصايح تحقيق الألباني (٤٦٩٤).
(٢) مجمع البحار (١/ ٤٤٦).
(٣) سورة محمد: ١٩.
(٤) سورة هود: ٣١.

<<  <   >  >>