للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى أن وصل إلى سدرة المنتهى والبيت المعمور، ثم نال شرف القرب من الحضرة الإلهية فأوحى الله إلى عبده ما أوحى (١).

كتب شاه ولي الله في كتابه حجة الله البالغة: (٢)

وأسرى به إلى المسجد الأقصى ثم إلى سدرة المنتهى وإلى ما شاء الله، وكل ذلك بجسده - صلى الله عليه وسلم - في اليقظة، ولكن ذلك كان في موطن هو برزخ بين المثال والشهادة جامع لأحكامهما، فظهر على الجسد أحكام الروح، وتمثل الروح والمعاني الروحية أجسادا ولذلك فإن كل واقعة من تلك الوقائع تعبير.

١ - أما شق الصدر وملؤه إيمانا فحقيقته غلبة أنوار المليكة وانطفاء لهب الطبيعة وخضوعها لما يفيض عليها من حظيرة القدس.

٢ - وأما ركوبه على البراق فحقيقته استواء نفسه النطفية على السمة التي هي الكمال الحيواني، فاستوى راكبا على البراق كما غلبت أحكام نفسه النطفية على البهيمية وتسلطت عليها.

٣ - وأما إسراؤه إلى المسجد الأقصى فلأنه محل ظهور شعائر الله ومتعلق همم الملإ الأعلى ومطمح أنظار الأنبياء عليهم السلام فكأنه كوة إلى الملكوت.

٤ - وأما ملاقاته مع الأنبياء صلوات الله عليهم ومفاخرته معهم فحقيقتها اجتماعهم من حيث ارتباطهم بحظيرة القدس وظهور ما اختص به من بينهم من وجوه الكمال.


(١) كتب العلامة ابن القيم "روى عن عائشة رضي الله عنها ومعاوية والإمام حسن البصري أن الإسراء كان بروحه المباركة، وأن جسده لم يفارق مكانه، ويقول العلامة سابق الذكر أنه بين الإسراء بالروح وبين المنام فرق كبير فالمراد بالإسراء الروحي أن الروح المباركة قد عرج بها إلى المقامات التي ذكرت، وذلك لا يكون في المنام وهذه منزلة أتم وأكمل وأشرف وأعلى وجمهور العلماء على أن الإسراء كان بالجسد والروح (زاد المعاد [ص:٣٠٠]) ومن الواضح إن إنكار العروج بالجسد إنما هو نتيجة للفلسفة المعاصرة الجافة، ذلك لأن القادر المطلق الذي أمسك الأجرام السماوية الثقيلة في الفضاء قادر على أن يعرج بجسم الإنسان الصغير إلى الفضاء واليوم تطير الطائرات بالإنسان بقوة النايتروجن، فكيف يستبعد أن يعرج الله نبيه الكريم ليريه ملكوت السماوات والأرض بالبراق (وهو مشتق من البرق وفيه إشارة إلى قوة الكهرباء) وأنا أعتقد أن المعراج كان بالجسد وفي حالة اليقظة (المؤلف).
(٢) حجة الله البالغة ([ص:٣٨٧]).

<<  <   >  >>