للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي موضع آخر:

{وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقما (*) وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا} (١).

والمغانم الكثيرة هي التي حصلت للمسلمين من فتوح دولتي فارس والروم. وكان الله تعالى قد وعدهم إياها، فتحقق هذا الوعد في عهد الخلافة الراشدة حينما رحل النبي (ص) إلى عالم البقاء.

والوعد المذكور في الآية كان ثلاثة؛ الأول: المغانم. والثاني: كف أيدي الناس. وتحقيقا لهذا الوعد لم يتمكن أي عدو من الانتصار على الجيش الإسلامي زمن الخلافة الراشدة.

والوعد الثالث: هداية الصراط المستقيم، وقد تحقق هذا الأمر أيضا ببركاته الظاهرة والباطنة، كما حدث في المثالين السابقين، وهذه الآية تدل على فضل عظيم لمن جاهد في عهد الخلافة الراشدة. الرابع: منصب الشفاعة:

١ - الشفاعة من ((شفع))، ومعناه ضم شيء مع شيء آخر من جنسه، يطلق في معظم الأحيان على إنجاز شخص ذي مرتبة عالية عملا من الأعمال مع شخص أدنى منه

مرتبة.

٢ - كان كفار العرب أيضا يقولون بالشفاعة، وكذلك اليهود والنصارى، وكان الكفار والنصارى يرون أن الشفيع يستطيع أن ينقذ من عذاب الله من شاء بعزه وكرامته وسيطرته وقدرته الشخصية، وأنه يمنح خاصته من الناس نعم الدنيا والآخرة وأصحاب هذه العقيدة لم يكونوا يذكرون وجود الله تعالى وقدرته، ولكنهم حسبوا أن القدرة الإلهية حاصلة لشفعائهم أيضا، ولذا تغنى عبادة الشفيع عن عبادة الله، ويقدم رضا الشفيع على رضا الله، لأن الله تعالى إن غضب على أحد له شفيع قوي فإن هذا الشفيع ينقذه من غضب الله، ولكن لو غضب الشفيع فإن الله تعالى لا يستطيع أن يجعل ذلك


(١) سورة الفتح: ٢٠، ٢١.

<<  <   >  >>