للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إسلام القبيلة كلها في يوم واحد]

وهكذا كان لكلامه من التأثير أن أسلمت قبيلة بني عبد الأشهل في يوم واحد، وانتشر الإسلام بدعوة مصعب رضي الله عنه حتى عم قبائل الأنصار كلها (١)، وكان من نتيجة ذلك أنه في العام الثالث عشر من البعثة قدم إلى مكة ٧٣ رجلا وست نساء في قافلة من يثرب، وكان مؤمنو يثرب قد أرسلوهم حتى يقوموا بدعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مدينتهم وليحصلوا على موافقة النبي على هذه الدعوة.

وصلت هذه الجماعة الصادقة إلى هذه البقعة الطاهرة التي كان يجتمع فيها المخلصون من يثرب منذ سنتين، وكان وصولها في ظلمة الليل، ووصل رسول الله المختار هناك مع عمه العباس رضي الله عنه (٢).

فقال العباس (ولم يكن قد أسلم آنذاك) كلمة هامة، قال: أيها الناس تعرفون عداوة قريش مكة لمحمد، فإن عاهدتموه وبايعتموه فاعرفوا أن الأمر جد خطير، لأنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود (٣). فلتفكروا فيما أنتم مقدمون عليه. وإلا تراجعتم عن ذلك.

فلم تجب الجماعة على العباس وأرادت أن تسمع ما يقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

[وعظ الرسول في العقبة الثانية]

فتلا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلام الله، رسالة الله إلى الإنسان، وبسماع التلاوة امتلأ هؤلاء بنور الإيمان واليقين، وأبدى الجميع رغبتهم في أن يقيم النبي - صلى الله عليه وسلم - في مدينتهم حتى يمكنهم أن ينالوا من فيض دعوته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

١ - هل تنصرونني في نشر دين الحق؟

٢ - وحين أقيم في مدينتكم هل تمنعونني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم؟

قال المؤمنون: وما جزاؤنا عن هذا؟ (٤).


(١) الطبري ٢٤٤.
(٢) الطبري ٢٤٤.
(٣) حرب الأحمر والأسود أي الحرب الدامية الطاحنة التي لا تبقى على شيء.
(٤) انظر سؤال بطرس للمسيح. متى ١٩ - ٢٧.

<<  <   >  >>