للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السرحي: قال لي الشافعي (١): ما أعطى الله ما أعطى محمدا (ص) فقلت: أعطى عيسى إحياء الموتى (٢). فقال: أعطى محمد حنين الجذع الذي كان يقف يخطب إلى


(١) هو محمد بن إدريس القرشي المطلبي، أحد الأئمة الأربعة، ولد سنة ١٥٠ وتوفي سنة ٢٠٢ هـ ودفن بمصر. انه قرب الأئمة إلى النبي (ص) نسبا.
(٢) إننا نؤمن بأن الله تعالى أكرم عيسى بمعجزة إحياء الموتى بإذن الله، وقد ذكر القرآن الكريم خاصته هذه فقال {أحيي الموتى بإذن الله} فهل ظهرت هذه المعجزة على يديه قط؟ ذكر صاحب معالم التنزيل: قال ابن عباس: قد أحيى أربعة أنفس: عازر صديق المسيح أخرجه من قبره بعد ثلاثة أيام. وابن العجوز، مر ميتا على عيسى فأحياه فنزل عن أعناق الرجال ورجع إلى أهله. وابنة العاشر ماتت قبل يوم فأحياها. وسام بن نوح (معالم التنزيل على هامش الخازن ١/ ٢٩٤). وينبغي أن يعلم أن صاحب المعالم أورد هذه الرواية بغير إسناد، ولذا لا يعتد به عند المحدثين.
فلنرجع إلى الأناجيل الأربعة حتى نعرف هل نسب فيها شيء مثل هذا إلى عيسى؟
١ - ورد ذكر عاذر (لعاذر) في إنجيل يوحنا (١٨، ٢/ ١١) فقط وهو فيه أخو مريم التي دهنت الرب بطيب. يقول يوحنا: إن ذلك وقع على بعد ميلين واشتهر في نفس الوقت، فالعجب كيف خفى ذلك على مؤلفي الأناجيل الآخرين؟
٢ - أن الأناجيل ساكتة عن ابن العجوز.
٣ - إن ابنة العاشر التي ذكرت في رواية ابن عباس قد ذكرها لوقا ومرقس بأنها بنت رئيس المجمع (لوقا ٨/ ٤٩، مرقس ٥/ ٣٥) يقول مؤلفو الأناجيل: ((جاءوا من دار رئيس المجمع قائلين: ابنتك ماتت، قال المسيح إنها لم تمت، وجاء إلى بيت رئيس المجمع ورأى ضجيجا، فقال: لم تمت الصبية لكنها نائمة، ثم قال لها: قومي، وللوقت قامت الصبية ومشت. ونحن المسلمون نصدق قول المسيح، ونؤمن بأن البنت لم تكن قد ماتت بل أصيبت بسكتة أو ضعف ثم شفيت ببركة المسيح.
٤ - أما قصة إحياء سام بن نوح فإنها لم ترد في الأناجيل. وقصدي من ذكر هذه الإحالات هنا هو الدلالة على أن الأناجيل ساكتة عن قدرة المسيح على إحياء الموتى. أما واقعة حنين الجذع فقد رويت بتواتر وتوفرت لها شهادات.
أما المجاميع الإسلامية فإنها قد أوردت رواية أصح وأنبأ من رواية الأناجيل، ذكرها الطبراني وأبو نعيم وابن مندة وابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك، وقد ذكرها الإمام ابن عبد البر في ((الاستيعاب))، والقاضي عياض في ((الثناء)) والقسطلاني في ((المواهب اللدنية)) تقول هذه الرواية:
((إن زيد بن خارجة خر ميتا في بعض أروقة المدينة وكان ذلك في خلافة عثمان، فرفع وسجى إذ سمعوه بين العشائين (الطبراني بين الظهر والعصر) والنساء يصرخن حوله يقول: أنصتوا، أنصتوا، فحسر عن وجهه فقال: محمد رسول الله النبي الأمي وخاتم النبيين، كان ذلك في كتاب الأول، صدق صدق، وذكر أبا بكر وعمر وعثمان ثم قال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته)) (الشفا ١/ ٢١١). وفي الاستيعاب (٢/ ٥٤٨): =

<<  <   >  >>