للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد ذكر الأقسام الستة عشر نشير إلى أن الصبر للإيمان مثل الرأس للبدن، فأين الحياة إذا فقد الجسم الرأس، وهكذا إن لم يكن مع الإيمان صبر فأين الإيمان؟ وقال سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه: خير عيش أدركناه بالصبر (١).

وفي الحديث الصحيح:

((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا لمؤمن، إن أصابته سراء شكر كان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)) (٢).

ومعنى الصبر في اللغة الحبس، يقال: قتل فلان صبرا. وهذا هو معناه في الآية الكريمة:

{واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه} (الكهف: ٢٨).

والمناسبة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي أن في الصبر يحبس الإنسان قلبه عن البكاء، ولسانه عن الشكوى، وجوارحه عن الجزع. وهكذا نعلم أن الصبر يتقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: الصبر على طاعة الله. والثاني: الصبر عن معصية الله. والثالث: الصبر على ابتلاء الله.

وفي الصنفين الأولين يد لكسب الإنسان، أما الصنف الثالث فليست فيه يد للكسب الإنساني.

ويمكن أن نقول بعد التأمل في أحوال سيدنا يوسف عليه السلام أن الصبر على فراق الأب وعلى الإلقاء في البئر من مقامات الصبر أيضا، ولكن رفض طلب امرأة العزيز هو أعلى أقسام الصبر وبخاصة إذا ما نظرنا إلى الأمور الآتية:

١ - الشباب.

٢ - المكان الخالي.

٣ - التجرد.

٤ - توفر مشتهى النفس.

٥ - الغربة حيث لا أقارب ولا حياء منهم.


(١) مدارج السالكين ٢/ ١٥٥.
(٢) مسلم ٤/ ٢٢٩٥ رقم ٢٩٩٩.

<<  <   >  >>