للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصاحة القرآن وبلاغته]

من أراد معرفة فصاحة القرآن وبلاغته فعليه أن يتذكر أن معرفة اللغة معرفة تامة شرط أساسي لذلك، ثم المهارة التامة في علم المعاني والبيان والبديع بالإضافة إلى الفهم السليم والطبع المستقيم، ولو توفرت هذه الصفات وهذه الوسائل لأحد فسوف يعلن أن فصاحة القرآن الكريم وبلاغته فوق الطاقة البشرية.

الف - كان جهلاء العرب محبي اللغة وكانوا مولعين بحسن البيان، ولذلك تمكنوا من إنشاء الأساليب الغريبة والقصائد العجيبة والرجز الفاجر والسجع الموجز والخطب البليغة، ومجرد وجود هذه الصلاحية جعل كبار اللغويين والخطباء والشعراء يعترفون ويقرون بأن القرآن ليس كلام البشر.

تأملوا هل وقع في بلد من بلاد العالم أن ادعى أحد ادعاء (لا مثيل له في العالم كما فعل خاتم النبيين ورسول كافة الناس ورحمة للعالمين ومطاع العالم (ص)) وقدم في إثبات دعواه كتابا جعله معيارا لصدقه وكذبه، وقرع أسماع المنكرين بنسبتهم إلى الضلال والعماية وساق لهم وعيد الخلود في النار والخزي في الدنيا والآخرة؟

وفي مثل هذه الحالة آثر أهل بلاده الذين يتكلمون بلغته السكوت وأبدوا الدهشة والتحير!

إننا نؤمن بأن التاريخ يعجز عن الإتيان بنظير ذلك.

إن صاحب القرآن، فداه أبي وأمي، قد حدد المعارضين في ستة أقسام، وأعجز أصحاب هذه الأقسام جميعا، مقيما برهانا جليا مثل الشمس على صدقه.

فالقرآن الكريم مع كونه بلسان عربي مبين قد فاق كتب العالم فصاحة وبلاغة.

ب - والآن ينبغي أن نلاحظ أن فردوسي وهومر وسعدي وشكسبير ووالميك وملتن وجوته وبيكن والنابغة وسسرو وامرؤ القيس وخسرو وغيرهم قد حازوا ثناء حارا من أمم

شتى بلغات مختلفة، لقد كان حماسهم لتلك الكتب التي تضمنت أساسا الصور الخيالية والحكايات الأسطورية التي استخدم فيها مؤلفوها بحرية كاملة التشبيهات والاستعارات من كل نوع ولم يلتزموا بترك الغلو أو حتى التمسك بالصدق.

<<  <   >  >>