للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا ورد قوله ((آمنوا وعملوا)) بصيغة الماضي. وينتج عن هذا الوعد أن من أسلم أو ولد بعد نزول الآية المذكورة وادعى الخلافة الراشدة التي يتم تحديدها من الله تعالى لم تصح دعواه.

ج: لقوله ((الأرض)) معنى عام وخاص، فإن كان معناه أرض الميعاد كان خاصا، وإن كان معناه مطلقا كان عاما. وقد ورد إطلاقه في القرآن على الصورتين، فقوله تعالى:

{له ما في السماوات وما في الأرض} (البقرة: ٢٥٥).

يراد فيه بالأرض جميع الكرة الأرضية.

ويراد في قوله: {وكذلك مكنا يوسف في الأرض} (يوسف: ٥٦). (أرض مصر).

ويراد مثلا بالأرض في قوله تعالى:

{يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم} (المائدة: ٢١).

أرض الميعاد التي قال تعالى عنها؟

{ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} (الأنبياء: ١٠٥).

وهكذا يراد بالأرض في الآية أرض الميعاد، وهي تخبر أن أرض فلسطين التي أعطاها الله تعالى أولاد خليله إبراهيم، وكان بنو إسرائيل يملكونها منذ آلاف السنين، يسيطر عليها الآن خلفاء الأمة المحمدية.

وعلى هذا المعنى أيضا تتضمن الآية تنبؤا صريحا، فلم تكن هناك علامات وقرائن حين نزول القرآن وكذا طيلة الحياة النبوية على أن المسلمين تمتد سيطرتهم خارج الجزيرة إلى الأرض المقدسة.

فكان الأعداء (وخاصة دولة روما المسيطرة على الأرض المقدسة) يستعدون للهجوم الشامل المفاجئ على الجزيرة بعد وفاة النبي (ص) بينما يهاجم ملوك مصر والحبشة أصحاب الجزية من بلادهم، ويتقدم قيصر من جهة الشام، وبهذه الخطة تتم السيطرة على الجزيرة كلها في وقت واحد، ويقضي على هذا الدين الجديد الذي سيطر على النصرانية في الجزيرة العربية، وزلزل بالأدلة العلمية أسس التثليث في عيون العالم كله.

<<  <   >  >>