للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعلم مدى إنفاق الكفار بما أنفقوا في غزوة أحد وحدها، فقد ورد أنهم أنفقوا خمسين ألف مثقال ذهب، وألف رأس إبل. وكان كل رئيس يطعم الجيش يوما. ولكن جميع هذه الجهود لم تسفر إلا عن الألم والخيبة والحرمان، إذ لم يستطيعوا منع تقدم الإسلام ولا ردوا أحدا من المسلمين، بل رأوا بأم أعينهم أن عادات آبائهم قد اختفت وضلالهم قد انتهي. تنبؤ عن أبي لهب:

قال تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب (*) ما أغنى عنه ماله وما كسب (*) سيصلى نارا ذات لهب} (المسد ١ - ٣).

حضر أبو لهب بن عبد المطلب جد النبي (ص) أول دعوة للنبي (ص) على جبل الصفا.

ولما سمع النبي (ص) يدعو إلى الإيمان بالحياة بعد الموت، ويخبر أن النتائج مستقبلا تترتب على الأعمال، أشار بيده إلى النبي (ص) إشارة تحقير وقال: تبا لك سائر اليوم، ألهذا دعوتنا؟.

ولما كان النبي (ص) صابرا عفوا لم يشأ أن يرد على أبي لهب، ولكن الله تعالى لم يسكت على هذه الكلمات القبيحة ضد حبيبه (ص) فرد على أبي لهب وأخبر بمصيره

المخزي.

وقد تضمن هذا التنبؤ أمورا ثلاثة:

١ - فشل جميع حيله ضد الإسلام والنبي (ص).

٢ - عدم نفع أولاده وماله إياه.

٣ - كونه وقودا للنار.

كان لأبي لهب أربعة أبناء، مات اثنان منهم كافرين في حياة أبي لهب، فلم تحصل منهما له فائدة بل تألم بموتهما، وحزن لفراقهما، أما الآخران وبنت واحدة فدخلوا في

الإسلام وخيبوا أمل أبيهم.

وهلك أبو لهب بالطاعون، وكان العرب يخافون الطاعون فلم يحملوا جسده من بيته وفتحوا فتحة في السقف وراحوا يلقون الحجارة على جثته القذرة حتى واروها، فكان الأمر كما أخبر به القرآن، ورأى الكفار ذلك بعيونهم بعد نزول الآية بخمس عشرة سنة.

<<  <   >  >>