للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير أنه وعد، وقبلت الشروط ثم وقع الاتفاق. وبالفعل، ففي اليوم المحدد لدخولهم إلى قسنطينة ترك الجنود أبواب المدينة وابتعدوا بحوالي ميلين: هناك كان رئيسهم الجديد في انتظارهم.

وبعد ذلك بقليل أخبروا الحاج أحمد بنواياهم، وصرحوا له بأنه ينبغي أن يعتبر نفسه معزولا. ولم يضيع هذا الباي لحظة واحدة في إخبار سكان قسنطنية بتلك الإجراءات الغادرة، وقال لهم أنه لا يريد أن يكون سببا في نشوب حرب أهلية، وإذا كانت لهم نفس نوايا المتمردين، فإنه يرجوهم أن يخرجوا من المدينة كامل أفراد أسرته، وإنه بعد ذلك سينسحب إلى الصحراء عند أهله (٣)، إنه كان يفضل أن يتصرف كذلك بدلا من أن يسفك دماء مواطنيه.

بعد أن وصلت هذه المعلومات إلى أعيان المدينة والفقهاء، اجتمعوا للتشاور حول الحزب الذي يجب أن يختاروه، وقد تقرر ما يلي: إن الحاج أحمد باي قد عين من طرف حسين باشا، وكان هذا الأخير وكيلا للسلطان.

ولذلك لا نعترف إلا بسلطة السلطان. وأن السلطان ما يزال موجودا وإذا كان ممثله في الجزائر لم يعد موجودا سياسيا، فإن ما قام به هذا الأخير قد تم بموافقة الباب العالي وعليه يجب أن يكون الحاج أحمد هو رئيسنا، وهو صالح لنا فعلا. ولا نستطيع تغيير هذه الأمور دون أن تكون هناك تعليمات جديدة من الباب العالي. ونظرا إلى المسافة الفاصلة بين البلدين، وفي حالة وفاته فإنه يمكننا أن نختار، دائما بموافقة السلطان، من يصلح بنا لحماية الأمن والسهر


(٣) أهله هم أخواله في بيت ابن قانه شيخ العرب.

<<  <   >  >>