للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقالوا: لا. فقال لابن خالويه: ما تقول أنت؟

فقال: أنا أعرف اسمين. قال: ما هما؟

قال: لا أقول لك إلَّا بألف درهم!

وكان نفطويه (١) لا يُقرئ كتاب سيبويه إلَّا إذا أخذ الرسم، من أجل ذلك اتخذ النحاة هذا التعقيد سنة جروا عليها، وغاية تواطؤوا على بلوغها، لتتم الحاجة إليهم وتثبت لهم مكانتهم، وتستمر الرغبة فيهم، حتى إن أبا علي الفارسي (٢)، لما سأله عضد الدولة ابن بويه أن يصنف له كتاباً في النحو - وصنف الإيضاح، وأوضح فيه النحو وقربه حتى أتى عليه عضد الدولة في ليلة، واستقصره وقال له: ما زدت على ما أعرف شيئاً، أحسَّ أبو علي بالخطأ، وشعر بأنه خرج على هذه الخطة التي اختطوها لأنفسهم: خطة التعقيد ... فعمد إلى تدارك الخطأ، فمضى فصنف التكملة وحملها إليه، فلما وقف عليها عضد الدولة قال: غضب الشيخ فجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو (٣).

وزاد النحو تعقيداً وإبهاماً وبعداً عن الغاية التي وضع من أجلها، ما صنعه الرماني (٤) من مزج النحو بالمنطق وحشوه به، حتى ما يقدر من بعده على تجريده منه، وحتى قال أبو علي الفارسي وهو معاصر له:


(١) هو إبراهيم بن محمد، ينتهي نسبه إلى المهلب بن أبي صفرة. لقب بنفطويه لشبهه بالنفط لدمامته وأدمته، وجعل على مثال سيبويه لانتسابه في النحو إليه وجريه على طريقته وتدريسه كتابه، جلس للإقراء أكثر من خمسين سنها، وكان عالماً بالعربية واللغة والحديث، مات سنة ٣٢٣.
(٢) هو الحسن بن أحمد الإمام المشهور واحد زمانه في علم العربية، أستاذ ابن جني الإمام العلم البليغ، وله مصنفات كثيرة وجليلة، توفي ببغداد سنة ٣٧٧.
(٣) بغية الوعاة ووفيات الأعيان.
(٤) هو علي بن عيسى بن علي المعروف بالوراق، الأخشيدي النحوي المتكلم أحد المشاهير، جمع بين الكلام وعلم العربية، وله تفسير القرآن الكريم، قال أبو حيان: لم ير مثله قط علماً بالنحو وغزارة بالكلام، واستخراجاً للعويص وإيضاحاً للمشكل، مع تأله وتنزه ودين وفصاحة وعفاف ونظافة، مات سنة ٣٨٤.

<<  <   >  >>