للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المستقبل)، حتى مللت المستقبل، وكرهت الرياض، ووددت لو أني هجرت الكتابة فلم أخطَّ فيها حرفاً.

والثاني: أن الطالب يكتب الوظيفة، فينتقده المدرس، ويبينِّ له ما فيها من نقص ولكنه لا يبين له وجه الصواب ولا يعرفه الطالب من نفسه، فيرجع إلى خطئه ويرجع المدرس إلى نقده، وهكذا دواليك حتى يملَّ الطالب فلا يكتب، أو يكتب ولكنه ييأس من الإجادة، وتموت في نفسه ملكة الكتابة.

والدواء الذي أراه:

١ - هو أن يتكلَّم المدرِّس في كل مناسبة في قواعد الكتابة ونظرياتها وأنواعها، فيبحث في ألوان الكتابة من القصة والأقصوصة والوصف والمذكرات والإنشاء الخطابي والشعر، ثم يفهم الطلاب قواعد القصة وعناصرها، والزمان والمكان، والأشخاص، والحادثة، وأنواعها، من المآسي إلى الملاحم (الدرام) إلى المهازل، ومن القصة الطبيعية إلى الواقعية إلى الخيالية إلى النفسية، ويلخص لهم بين ذلك بعض القصص المشهورة، لبعض الأدباء الكبار المعروفين، من عرب أو إنكليز أو روس أو طليان، فإن الأدب عالمي لا وطن له ولا جنسية.

٢ - أن يقرأ عليهم في كل درس قطعة من الأدب العالي، ويدرسها مع الطلاب، ثم يسعى لاستيحاء موضوعات جديدة من هذه القطعة، ويعتمد في ذلك على تربية تداعي المعاني (Association des idées) عند الطلاب، حتى ينتقلوا بسرعة من معنى إلى معنى، ومن صورة إلى صورة.

٣ - أن تكون موضوعات هذه القطع مما له صلة بنفوسهم، وما له علاقة بحياة الشباب، فلا يختار لهم شيئاً من الفلسفة العميقة، أو المواعظ الجافة.

٤ - أن يسألهم الكتابة في موضوع يستوحونه من هذه القطعة، على أن يدع لهم الخيار في أن يكتبوا غيره إذا شاؤوا، ولهذه الحرية في اختيار الموضوعات فائدة عظيمة جداً، لأنها تفسح للطلاب سبيل الابتكار والتجديد، ومعلوم أن حسن اختيار الموضوع، أهم بكثير من الكتابة فيه.

<<  <   >  >>