للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحن اليوم أشبه العصور بعصر المنصور والمأمون، أمة كانت معتزلة منطوية على نفسها، ثم اتَّصلت بأمم غيرها لها مدنيات ولها علوم، فإذا استمرت على عزلتها علت عليها تلك الأمم بعلمها وقويت، وإن تعلمت ألسنتها لتفهم علومها، أضاعت لسانها وعصبيتها، فلم يبق إلا أن تنقل كتب الأمم إلى لسانها، فتزداد به غنى في الأفكار وفتى طرق التعبير، ثم تفهمها وتسيغها وتهضمها كما يقولون ثم تنشئ مثلها إنشاء.

ونحن في الواقع لا نستغني عن الترجمة ولانقلّ منها، ولكنا نسيء الاختيار فندع الكتاب العبقريّ الفذَّ الذي يعدّ واحداً من مئة كتاب هي خلاصة آداب الأمم كلها ونترجم الكتاب الذي لا فائدة فيه، ثم نسيء التعبير فلا ننقل هذه الكتب إلى العربية وإنما نضع في مكان ألفاظها الأعجمية ألفاظاً عربية، ولايقدر على الترجمة الصحيحة إلا متمكِّن من اللغتين، بليغ في اللسانين، يقرأ الفقرة ثم يفهمها ثم يدعها تخالط روحه وتصير كأنها له، ثم يعبِّر عنها بلسانه، ويزيِّنها بجمال بيانه.

***

<<  <   >  >>